القائمة الرئيسية

الصفحات

الإبراء في قانون الالتزامات والعقود المغربي

الإبراء


الإبراء في قانون الالتزامات والعقود المغربي


قد ينقضي الإلتزام عن طريق تنفيذه عينا أي عن طريق الوفاء بنفس محل الإلتزام الذي التزم به المدين. وقد ينقضي بأساب تعادل الوفاء وهي : الوفاء بمقابل والتجديد والمقاصة واتحاد الذمة.

وثمة أسباب أخرى تؤول إلى انقضاء الإلتزام دون أن ينفذ عينا ولا بمقابل ، أي دون أن يؤدى شيء ما للدائن. ويتحقق ذلك في الأسباب التالية : استحالة التنفيذ ، والتقادم المسقط ، وإقالة العقود، والإبراء.

والإبراء هو تنازل الدائن باختياره ودون مقابل عن الإلتزام المترتب له في ذمة المدين. فمثل هذا التنازل يبرئ ذمة المدين من الإلتزام الذي كان مترتبا عليه ويكون سببا لانقضاء رغم عدم الوفاء به.

وقد عرض المشرع للإبراء في الفصول 340 إلى 346 من ق.ل.ع وذلك في الباب الثالث من القسم السادس المخصص لانقضاء الإلتزامات من الكتاب الأول المتعلق بمصادر الإلتزامات. حيث أوضح طبيعته ، حدد شروطه ، ثم بين آثاره.

فما هي طبيعة الإبراء و شروطه ، وما هي الآثار التي تترتب عليه ؟

المطلب الأول : طبيعة الإبراء وشروطه

سنتطرق في هذا المطلب إلى طبيعة الإبراء ( الفقرة الأولى ) ، ثم سنتناول شروطه ( الفقرة الثانية ).

الفقرة الأولى : طبيعة الإبراء

ورد في الفصل 340 من ق.ل.ع ما يلي : " ينقضي الإلتزام بالإبراء الإختياري الحاصل من الدائن الذي له أهلية التبرع. والإبراء من الإلتزام ينتج أثره ما دام المدين لم يرفضه صراحة".

فمن هذا النص يتبين أن الإبراء يتميز بميزتين أساسيتين :

الميزة الأولى : أنه تصرف قانوني يتم بإرادة الدائن المنفردة.

الميزة الثانية : أنه تصرف تبرعي محض من جانب الدائن.

لنفصل الكلام في كل من هاتين الميزتين.


الإبراء تصرف قانوني يتم بإرادة الدائن المنفردة

يتم الإبراء بإعلان الدائن عن إرادته في التنازل عن حقه. فهو إذن تصرف إرادي منفرد ينتج أثره بمجرد اتصاله بعلم المدين ودون ما حاجة لاقترانه بقبول من وجه إليه. ذلك أن من مقتضيات المبادئ العامة ، على ما أقره المشرع في الفصل 18 من ق.ل.ع ، أن "الإلتزامات الصادرة من طرف واحد تلزم من صدرت عنه بمجرد وصولها إلى علم الملتزم له ".

ويترتب على كون الإبراء تصرفا إراديا منفردا نتائج بالغة الأهمية ، نخص بالذكر منها النتائج التالية :

أولا : مادام الإبراء تصرفا من تصرفات الإرادة المنفردة ، فهو يلزم صاحبه وينتج أثره من حيث إنهاء الإلتزام بمجرد وصوله إلى علم المدين ، ولا يتطلب لتمامه صدور قبول عن المدين كما كان يقتضيه الأمر لو أن الإبراء كان اتفاقا.

ثانيا : بمجرد أن يتصل الإبراء بعلم المدين ، يصبح الدائن ملتزما به ويمتنع عليه الرجوع عنه ، بخلاف ما لو كان الإبراء اتفاقا حيث يجوز للدائن الرجوع عنه ما دام لم يقترن بقبول المدين. حيث نص المشرع على هذه القاعدة في الفصل 26 من ق.ل.ع بقوله " يجوز الرجوع في الإيجاب مادام العقد لم يتم بالقبول أو بالشروع في تنفيذه من الطرف الآخر ".

ثالثا : إذا مات الدائن أو فقد أهليته قبل أن يتصل الإبراء بعلم المدين فإن ذلك لا يحول دون تمام الإبراء عندما يبلغ أمره المدين سواء علم هذا الأخير بموت الدائن أو بفقد أهليته قبل اتصال الإبراء بعلمه أوبعد هذا الإتصال. أما لو كان الإبراء اتفاقا ، فإن موت الدائن أو فقد أهليته بعد صدور الإبراء عنه ، لئن كان لا يحول دون تمام الإبراء إذا كان المدين قد قبله قبل علمه بموت الدائن أو بفقد أهليته ، فإنه يمنع قيامه إذا كان قبول المدين قد صدر بعد علمه بموت الدائن أو بفقد أهليته. جاء بهذا الخصوص ضمن الفصل 31 من ق.ل.ع " موت الموجب أو نقص أهليته إذا طرأ بعد إرسال إيجابه ، لا يحول دون إتمام العقد إن كان من وجه إليه الإيجاب قد قبله قبل علمه بموت الموجب أو بفقد أهليته ".

الإبراء تصرف تبرعي محض من جانب الدائن

إن الإبراء يقضي الإلتزام دون أي عوض يتقاضاه الدائن الذي تنازل مختارا عن حقه. ومن تم فالإبراء تصرف تبرعي محض. وقد أكد المشرع على هذه الناحية عندما أوجب في الفقرة الأولى من الفصل 340 صدور الإبراء من دائن له " أهلية التبرع ".

وهذا ما يميز الإبراء عن بعض التصرفات القانونية المشابهة له كاالتجديد والصلح العادي والصلح الذي يعقده التاجر المفلس مع دائنيه.

ففي التجديد ، لئن كانت ذمة المدين تبرأ من الدين القديم ، فإنها تنشغل بدين جديد حل محله ، بحيث لا يقع الإبراء من الدين الأصلي بدون عوض ، بل مقابل إنشاء الدين الجديد الذي استبدل به الطرفان الدين الأصلي.

وفي الصلح العادي لئن كان ثمة إبراء يصدر عن الطرفين المتصالحين ، فهو إبراء بمقابل لأن كلا منهما يتنازل عن بعض مطالبه مقابل التسليم له بمطالب أخرى.

وفي الصلح الذي يبرمه التاجرالمفلس مع دائنيه ، لئن كان الدائنون يبرئون ذمة مدينهم من جزء من الديون ، فهم لا يفعلون ذلك تبرعا منهم بل لقناعتهم بأن ما يقبلون به هو في مصلحتهم ويشكل أقصى ما يمكن الحصول عليه. ويترتب على ذلك أن الصلح مع المفلس يتخلف عنه في ذمة المدين التزام طبيعي محله الجزء من الدين الذي أبرئ منه ، في حين أن الإبراء العادي يقضي الإلتزام بصورة نهائية ولا يتخلف عنه أي التزام طبيعي في ذمة المدين.

ويترتب على كون الإبراء تصرفا تبرعيا وجوب إخضاعه لقواعد الوصية الموضوعية إذا صدر عن الدائن وهو مريض مرض الموت. فإذا صدر الإبراء لأحد ورثته من كل أو بعض ما هو مستحق عليه توقفت صحة الإبراء على إقرار باقي الورثة. جاء بهذا الخصوص ضمن الفصل 344 من ق.ل.ع " الإبراء الحاصل من المريض في مرض موته لأحد ورثته من كل أو بعض ما هو مستحق عليه لا يصح إلا إذا أقره باقي الورثة ". وإذا صدر لغير وارث فإنه لا يصح إلا في حدود ثلث ما يبقى في تركة المتوفى بعد سداد ديونه ومصروفات جنازته. جاء بهذا الخصوص ضمن الفصل 345 من ق.ل.ع " الإبراء الذي يمنحه المريض في مرض موته لغير وارث يصح في حدود ثلث ما يبقى في تركته بعد سداد ديونه ومصروفات جنازته ".

الفقرة الثانية : شروط الإبراء

لا بد للإلمام بشروط الإبراء من التمييز بين الشروط المتطلبة في الشكل وبين الشروط الكتطلبة في الموضوع

ففيما يتعلق بالشروط الشكلية القاعدة أن الإبراء تصرف رضائي لا يخضع تمامه لأي شكل خاص.

وفيما يتعلق بالشروط الموضوعية القاعدة أن الإبراء تصرف تبرعي يتطلب توافر الشروط التي يتطلبها كل تبرع.

وسنعرض لكل من هاتين القاعدتين.

القاعدة الأولى : الإبراء تصرف رضائي لا يشترط لتمامه أي شكل خاص

الإبراء من التصرفات الرضائية التي تتم بمجرد الإعلان عن الإرادة دون ما حاجة لأن يجري اتعبير عن هذه الإرادة في قالب شكلي معين.

لا جرم أن الإبراء ينطوي على تبرع ويعتبر بمثابة هبة غير مباشرة. ومع ذلك فهو لا يخضع لأي شرط شكلي لانه من المبادئ العامة أن الهبات غير المباشرة لا تشترط فيها الرسمية التي تشترط في الهبات المباشرة.

ولا تتطلب الشكلية في الإبراء حتى ولو كان الإلتزام الذي يبرئ الدائن مدينه منه من الإلتزامات الناشئة عن عقد شكلي سواء كان الشكلل مفروضا بحكم القانون أم كان مشروطا باتفاق الطرفين المتعاقدين عملا بالفصل 402 من ق.ل.ع. فالبيع العقاري مثلا يجب إجراؤه في محرر ثابت التاريخ عملا بالفصل 489 من ق.ل.ع الذي جاء فيه " إذا كان المبيع عقارا...وجب أن يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ " فهو إذن عقد شكلي بحكم القانون. فإذا أراد البائع إبراء المشتري من الثمن وقع الإبراء صحيحا أيا كان الشكل الذي أفرغ فيه ودون ما حاجة إلى سند رسمي.

على أن الإبراء لئن كان لا يشترط فيه شكل خاص ، فإن على المدين أن يثبت وقوعه.

وإثبات الإبراء يخضع مبدئيا لقواعد الإثبات العامة. فإذا كان الإلتزام الذي يدعي المدين أن دائنه قد أبرأه منه تزيد قيمته عن عشرة آلاف درهم وجب إثبات الإبراء بحجة كتابية أو ببدء حجة كتابية معززة بالشهادة والقرائن عملا بالفصلين 443 و 447 من ق.ل.ع. أما إذا كان هذا الإلتزام يقل عن عشرة آلاف درهم فإنه يمكن إثباته بسائر وسائل الإثبات ولاسيما الشهادة والقرائن.

والإبراء يمكن أن يحصل صراحة فينتج عن اتفاق أو توصيل أو أي سند آخر يتضمن تحليل المدين من الدين أو هبته إياه عملا بالفقرة الأولى من الفصل 341 من ق.ل.ع الذي نصت على أن " يمكن أن يحصل الإبراء صراحة ، بأن ينتج عن اتفاق أو توصيل أو أي سند آخر يتضمن تحلل المدين من الدين أو هبته إياه ". ففي مثل الحالة من الإبراء الصريح تقوم البينة عليه بسهولة عن طريق الإدلاء بالإتفاق أو التوصيل أو السند المتضمن تصريح الدائن بالتنازل عن الحق الطي له في ذمة مدينه.

وقد يحصل الإبراء بصورة ضمنية بأن ينتج عن كل فعل يدل بوضوح على رغبة الدائن في التنازل عن حقه. جاء بهذا الخصوص ضمن الفقرة الثانية من الفصل 341 من ق.ل.ع " كما يمكن أن يحصل الإبراء ضمنيا ، بان ينتج عن كل فعل يدل بوضوح عن رغبة الدائن في التنازل عن حقه ".

وابتغاء تسهيل الأمر على المدين في إثبات الإبراء ، قرر المشرع اعتبار إرجاع الدائن أصل سند الدين إلى مدينه قرينة قانونية على الإبراء. جاء بهذا الخصوص ضمن الفقرة الثالثة من القصل 341 من ق.ل.ع " إرجاع الدائن اختيارا إلى المدين السند الأصلي للدين يفترض به حصول الإبراء من الدين ". فإعادة الدائن سند الدين الأصلي إلى المدين سواء كان هذا السند حجة عرفية أم كان الصورة الأصلية للسند الرسمي الصالحة للتنفيذ ، يعتبر قرينة قانونية على وقوع الإبراء. وهذه القرينة القانونية هي قرينة قاطعة لا تقبل البينة المعاكسة وذلك عملا بالفصل 453 من ق.ل. الذي يمنع قبول أي إثبات يخالف القرينة القانونية.

ولا بد لنا من بيان الملاحظات التالية حول قرينة الإبراء القانونية :

  • إن قرينة الإبراء القانونية التي رتبها المشرع لمصلحة المدين إنما تقوم إذا كان الدائن تخلى لمدينه عن أصل السند العادي أو عن صورة السند الرسمي الأصلية الصالحة للتنفيذ. أما إذا تخلى عن صورة السند العادي مع احتفاظه بالصورة الأصلية ، أو عن صورة من السند الرسمي غير صالحة للتنفيطذ مع احتفاظه بالنسخة الصالحة للتنفيذ ، فإن ذلك لا يشكل أي قرينة قانونية على الإبراء ، بل من المستبعد أن ينزله القاضي حتى منزلة القرينة القضائية.

  • إن قرينة الإبراء القانونية رهينة بأن يقع إرجاع الدائن سند الدين الأصلي إلى المدين بملء اختياره. أما إذا كان الدائن قد جرد من السند الأصلي نتيجة الإكراه أو السرقة أو النصب أو أي عمل غير مشروع آخر ، فإن ذلك يبعدنا بالبداهة عن التخلي الإختياري ويهدم القرينة القانونية من أساسها.

  • إن قرينة الإبراء القانونية تترتب على إرجاع سند الدين إلى المدين. أما إعادة التأمينات التي قدمت إليه ضمانا لاستيفاء الدين ، فإنه لا يعتبر بحد ذاته تنازلا عن هذا الدين وإبراء للمدين منه. وقد نص المشرع على ذلك في الفصل 342 من ق.ل.ع بقوله " إرجاع الدائن الشيء المقدم على سبيل الرهن لا يكفي لافتراض حصول الإبراء من الدين ".

القاعدة الثانية : الإبراء تصرف تبرعي يتطلب توافر الشروط التي يتطلبها كل تبرع

لما كان الإبراء يتميز بكونه تصرفا تبرعيا ، فإنه يجب ، من حيث الشروط الموضوعية ، إخضاعه لما يخضع له كل تبرع. لذا يتطلب في الإبراء ان تتوافر لدى الدائن الذي يصدر عنه أهلية التبرع ، وأن تكون إرادته خالية من العيوب ، وأن تتجمع في كل من محل الإبراء وسببه الشروط القانونية المتطلبة في المحل والسبب عامة.

فالدائن الذي يصدر عنه الإبراء يجب أن يكون متمتعا بأهلية التبرع. وقد نص المشرع على هذا الشرط في الفقرة من الفصل 340 من ق.ل.ع الذي جاء فيه أنه " ينقضي الإلتزام بالإبراء الإختياري الحاصل من الدائن الذي له أهلية التبرع ". حيث علق المشرع انقضاء الإلتزام بالإبراء على صدوره من دائن له أهلية التبرع. وعليه فليس للقاصر أو ناقص الأهلية ولو كان مأذونا بالإدارة أو بإجراء بعض التصرفات ، أن يبرئ ذمة مدينه ، كما لا يجوز لنائبة الشرعي من ولي أو وصي أو مقدم أن يبرئ ذمة مدين القاصر أو ناقض الأهلية الخاضع لنيابته الشرعية ، لأن إبراء المدين يعتبر من التصرفات الضارة ضررا محضا بالقاصر أو ناقص الأهلية ، وأنه يحظر أصلا على النائب الشرعي القيام بمثل هذه التصرفات ، بل إنه يمنع عليه ذلك حتى بإذن المحكمة لأن المحكمة نفسها لا تملك الإذن بالتبرع بأموال القاصر وناقص الأهلية. جاء هذا الخصوص ضمن الفصل 12 من ق.ل.ع

" التصرفات التي يجريها في مصلحة القاصر أو المحجور عليه...من ينوب عنهم في الشكل المقرر في القانون ، تكون لها نفس قيمة التصرفات التي يجريها الراشدون المتمتعون بأهلية مباشرة حقوقهم. ولا تسري هذه القاعدة على التبرعات المحضة ، حيث لا يكون لها أدنى أدنى أثر ولو أجريت مع الإذن الذي يتطلبه القانون ، ولا على إقرار لدى محكمة يتعلق بأمور لم تصدر عن النائب الشرعي ".

ثم إنه يجب ، حتى يصح الإبراء ، أن تكون إرادة الدائن سليمة خالية من أي عيب يمكن أن يشوبها وإلا وقع الإبراء قابلا للإبطال. وأكثر ما يمكن أن تكون إرادة الدائن عرضة له ، عمليا ، هو عيب الإكراه. لذا اهتم المشرع بإبراز وجوب خلو إرادة الدائن من هذا العيب في الفصل 340 من ق.ل.ع الذي جاء فيه " الإلتزام ينقضي بالإبراء الإختياري الحاصل من الدائن الذي له أهلية التبرع ".

ولا بد أخيرا أن يكون للإبراء الحاصل محل وسبب تتوافر فيهما شروط المحل والسبب : فلو أن الإبراء شمل مثلا حقوقا يمتنع التصرف فيها كحقوق الولاية والنسب ، أو إذا كان الدافع إلى الإبراء باعثا غير مشروع ، أو أن السبب الدافع إليه قد تخلف وانعدم ، فإن الإبراء في مثل هذه الحالات يقع باطلا تطبيقا للقواعد العامة.

المطلب الثاني : آثار الإبراء

يمكن جمع الآثار التي تترتب على الإبراء حول القاعدتين التاليتين : الإبراء يقضي الإلتزام ويقضي معه سائر ضماناته ، ولكن الإلتزام يعود إذا رفض المدين الإبراء.

الفقرة الأولى : الإبراء يقضي الإلتزام ويقضي معه سائر ضماناته

إذا أبرأ الدائن مدينه أدى ذلك إلى انقضاء الدين. وهذا ما نص عليه المشرع في مستهل الفصل 340 من ق.ل.ع بقوله " ينقضي الإلتزام بالإبراء الإختياري الحاصل من الدائن الذي له أهلية التبرع ". وبانقضاء الدين تنقضي بصورة تبعية جميع التأمينات التي كانت تضمن الوفاء به. فإذا كان الدين مضمونا بكفالة شخصية أو عينية برأت ذمة الكفيل تبعا لبراءة ذمة المدين الأصلي ، وإذا كان الدين مضمونا برهن حيازي أو رسمي انقضى الرهن تبعا لانقضاء الدين المضمون بالرهن ووجب رد المرهون إلى صاحبه أو شطب قيد الرهن الرسمي في السجل العقاري.

وقد يحصل أن يمنح الدائن إبراء عاما لمدينه شاملا كل دين دون تحفظ. فمثل هذا الإبراء يفضي إلى انقضاء جميع ما كان مترتبا في ذمة المدين ولا يصح الرجوع فيه لو كان الدائئن لا يعلم مقدار الديون التي سيشملها الإبراء الصادر عنه.

كذلك لا يؤثر في صحة الإبراء العام اكتشاف سندات دين لم يلحظها الدائن وقت الإبراء. وهذا ما جاء ي الفصل 346 " الإبراء أو التحليل من كل دين على العموم ودون تحفظ لا يصح الرجوع فيه وتبرأ ذمة المدين نهائيا ، ولو كان الدائن يجهل المقدار الحقيقي لدينه أو اكتشف سندات كانت مجهولة لديه...".

على أن المشرع أجاز على سبيل الإستثناء الرجوع في الإبراء إذا كان صادرا عن الوارث في دين موروثه وكان الوارث قد حمل على الإبراء نتيجة غش أو تدليس ارتكبه المدين أو شخص من الغير عمل بالتواطؤ مع المدين. وهذا ما قرره الفصل 346 من ق.ل.ع إذ أوضح أن الإبراء العام لئن كان مبدئيا يلزم صاحبه فهو ليس كذلك ويصح الرجوع فيه " إذا كان الإبراء حاصلا من الوارث في دين موروثه وثبت حصول الغش أو التدليس من جانب المدين أو جانب أشخاص آخرين متواطئين معه...".

الفقرة الثانية : الإلتزام يعود إذا رفض المدين الإبراء

يفضي الإبراء إلى انقضاء الإلتزام الذي كان مترتبا على المدين. وهذا الأثر لا يتوقف على قبول المدين ، لأن الإبراء تصرف إرادي منفرد. ولكن المدين يستطيع ، إن شاء ، رفض الإبراء الحاصل لمصلحته ، إذا ما وجد فيه حرجا له أو صدقة لا يرغب في أن يمن عليه بها الدائن.

وإذا رفض المدين الإبراء ، فإن الإبراء يجرد من كل أثر ويعتبر كأن لم يكن ، ويعود الدين إلى ذمة المدين كما كان بجميع مقوماته وصفاته وتأميناته.

ورفض المدين للإبراء لا بد ، حتى يعتد به ، أن يقع بصورة صريحة وذلك خلاف الإبراء نفسه ، الذي يمكن أن يحصل صراحة كما يمكن أن يحصل ضمنيا. وقد أكد المشرع على وجوب صدور الرفض بصورة صريحة ، نص ي الفصل 343 من ق.ل.ع على أنه " لا يكون للإبراء من الإلتزام أي أثر إذا رفض المدين صراحة قبوله ".

ولئن كان المدين حرا في رفض قبول الإبراء عندما يصل إلى علمه ، فهو يفقده هذه الحرية ويمتنع عليه الرفض في حالتين ورد عليهما النص في الفصل 343 من ق.ل.ع :

  • إذا كان سبق للمدين أن قبل الإبراء. فهذا القبول يلزم صاحبه ولا يجوز الرجوع فيه عملا بالمبادئ العامة.

  • إذا كان الإبراء قد تم بطلب من المدين. فهنا سعى المدين للحصول على الإبراء وتم له ذلك. ومن القواعد الكلية أن من سعى في نقض ما تم من جعته فسعيه مردود عليه. لذا كان طبيعيا أن يمنع المدين من رد الإبراء بعد أن كان تم بطلب منه.


تعليقات

التنقل السريع