القائمة الرئيسية

الصفحات

التضامن بين الدائنين في قانون الالتزامات والعقود المغربي

  التضامن بين الدائنين في قانون الالتزامات والعقود المغربي


التضامن بين الدائنين في قانون الالتزامات والعقود المغربي



التضامن وصف يلحق طرفي الإلتزام يجعلهم متضامنين في الحق أو في الدين.

والإلتزامات التضامنية على نوعين حسبما يكون الطرف المتضامن في الإلتزام هو الطرف المدين فيكون هناك ما يسمى اصطلاحا التضامن بين المدينين أو التضامن السلبي. أو يكون هو الطرف الدائن فيكون هناك ما يسمى اصطلاحا بالتضامن بين الدائنين أو التضامن الإيجابي.

وقد استهل المشرع البحث في الإلتزامات التضامنية بالتضامن بين الدائنين ، حيث خصص له الفرع الأول من الباب الرابع من القسم الثاني الخاص بأوصاف الإلتزام من الكتاب الأول المتعلق بمصادر الإلتزامات وذلك في الفصول 153 إلى 163 من قانون الإلتزامات والعقود.

وفي الواقع ، إن التضامن بين الدائنين يبقى من الأمور النادرة عمليا. والسبب في ندرة التضامن بين الدائنين أن ضرر هذا التضامن قد يفوق فوائده. فالكسب الذي يجنيه الدائنون وهو سهولة الحصول على الدين من حيث أن أيا منهم يستطيع استيفاء كامل الدين ، هو كسب لا يذكر إزاء الخطر الذي يمكن أن يكونوا عرضة له إذا أعسر الدائن الذي قبض الدين وأصبح رجوعهم عليه عديم الجدوى. يضاف إلى ذلك أن ما يفيده الدائنون من التضامن يستطيعون تحقيقه بسهولة ويسر من غير هذا الطريق ، إذ هم يملكون عند حلول الأجل إعطاء من يختارون من بينهم توكيلا بقبض الدين كله.

وقد عرف المشرع التضامن بين الدائنين في الفصل 154 من ق.ل.ع بقوله " يكون الالتزام تضامنيا بين الدائنين إذا كان لكل منهم الحق في قبض الدين بتمامه ولم يكن المدين ملتزما بأن يدفع الدين إلا مرة واحدة لواحد منهم ".

وليس من الضروري حتى يكون الالتزام تضامنيا أن تكون الرابطة التي تربط كل واحد من الدائنين من نوع واحد ، بل إن الالتزام يبقى تضامنيا حتى لو اختلفت روابط الدائنين بالمدين وتعددت صفة هذه الروابط. فهكذا مثلا قد يكون التزام المدين تجاه أحد الدائنين المتضامنين التزاما منجزا غير معلق على شرط أو مربوط بأجل ، ويكون التزامه تجاه الدائن الثاني معلقا على شرط ، ويكون التزامه تجاه الدائن الثالث مربوطا بأجل. وهذا ما نص عليه المشرع في الفصل 154 من ق.ل.ع بقوله " ويمكن أن يكون الإلتزام تضامنيا بين الدائنين حتى لو اختلف حق أحدهم عن حق الآخر ، بأن كان معلقا على شرط أو مقترنا بأجل في حين أن حق الآخر بات منجزا ".

وفي إطار معالجته للتضامن بين الدائنين ، عمل المشرع على تعيين مصادره وتحديد الآثار التي تترتب عليه.

من هنا تطرح الإشكالية التالية : ماهي مصادر التضامن بين الدائنين وما الآثار التي تترتب عليه ؟

سنعرض أولا لمصادر التضامن بين الدائنين ( المطلب الأول ) ثم سنتطرق للآثار التي تترتب عليه ( المطلب الثاني ).

المطلب الأول : مصادر التضامن بين الدائنين

نص الفصل 153 من ق.ل.ع على أن " التضامن بين الدائنين لا يفترض. ويلزم أن ينشأ من العقد أو يتقرر بمقتضى القانون أو أن يكون النتيجة الحتمية لطبيعة المعاملة.

ومع ذلك إذا تعهد عدة أشخاص بأمر واحد في نفس العقد ومشتركين ، افترض فيهم انهم تعهدوا متضامنين ، مالم يكن العكس مصرحا به أو ناتجا عن طبيعة المعاملة ".

فمن خلال هذا النص يتضح أن المشرع ذكر ثلاثة مصادر للتضامن بين الدائنين :

  1. العقد

  2. القانون

  3. طبيعة المعاملة

الفقرة الأولى : القانون كمصدر للتضامن بين الدائنين

يمكن أن نذكر تطبيقا للتضامن بين الدائنين بمقتضى نص في القانون. ويتعلق الأمر بما ورد في الفصل 1018 من ق.ل.ع حيث جاء فيه أن " يجوز في شركة المفاوضة لكل من الشركاء... أن يقوم بقبض الأداءات وإلغاء الصفقات...والإعتراف بالدين...وإجراء رهن حيازي أو ضمان آخر في الحدود الضرورية التي تقتضيها الإدارة...".

على أنه لا بد لنا من الإعتراف بأن هذا التضامن الذي قرره نص في القانون إنما مصدره عقد شركة المفاوضة ، حيث يوكل الشركاء بعضهم بعضا في تسيير أمور الشركة والانفراد بالعمل من غير مشاورة الآخرين.

الفقرة الثانية : طبيعة المعاملة كمصدر للتضامن بين الدائنين

قد يكون التضامن بين الدائنين نتيجة حتمية لطبيعة المعاملة. مثل ذلك الحالة التي ينقلب فيها أشخاص من مدينين متضامنين بموجب عقد إلى دائنين متضامنين. كـأن يبيع عدة أشخاص بالتضامن فيما بينهم شيئا ما ويلزمون بتسليم المبيع إلى المشتري ، ثم يخل المشتري بالتزاماته فيبرر ذلك المطالبة بفسخ البيع. ففي هذه الحالة تقضي طبيعة المعاملة أن يضحي البائعون دائنين متضامنين في المطالبة بالفسخ بحيث يحق لكل منهم أن يمارس الدعوى بمفرده ويطالب بفسخ البيع بمجموعه.

الفقرة الثالثة : العقد أو الإرادة بوجه عام كمصدر للتضامن بين الدائنين

إن المصدر الرئيسي للتضامن بين الدائنين هو العقد أو الإرادة بوجه أعم.

ولما كان التضامن بين الدائنين مصدره العقد أو الإرادة ، فإنه لا يجوز افتراض وجوده. وقد عمد المشرع إلى استهلال التضامن بين الدائنين بتقرير هذه القاعدة الأساسية ، حيث نص في مطع الفصل 153 من ق.ل.ع على أن " التضامن بين الدائنين لا يفترض ".

فما لم توجد إرادة واضحة لا لبس فيها بإنشاء هذا التضامن فإنه لا يقوم. ولا يفهم من ذلك أن التضامن بين الدائنين لا بد أن يرد فيه شرط صريح ، فقد يستخلص ضمنا من الظروف والملابسات. فالمهم هو أن لا يكون هناك شك في أنه مشترط.

ومن الأمثلة على التضامن الضمني بين الدائنين ، ما ورد عليه النص في الفقرة الثانية من الفصل 153 من ق.ل.ع وبمقتضاها " ومع ذلك إذا تعهد عدة أشخاص بأمر واحد في نفس العقد ومشتركين ، افترض فيهم أنهم تعهدوا متضامنين ، ما لم يكن العكس مصرحا به أو ناتجا عن طبيعة المعاملة ".

وليس من الضروري في الشرط الصريح أن يرد لفظ " التضامن " بالذات. فأي عبارة تؤدي معنى التضامن يمكن الإعتداد بها كأن يشترط في العقد أن للمدين الوفاء بكامل الدين لأي واحد من الدائنين ، أو أن لأي من الدائنين حق استيفاء كامل الدين من المدين.

المطلب الثاني : آثار التضامن بين الدائنين

إن بحث آثار التضامن بين الدائنين يقتضي التمييز بين أمرين :

  • علاقة الدائنين المتضامنين بالمدين

  • علاقة الدائنين المتضامنين بعضهم ببعض

الفقرة الأولى : علاقة الدائنين المتضامنين بالمدين

يمكن جمع الأحكام التي تسود علاقة الدائنين المتضامنين بالمدين حول القواعد الأساسية التالية :

أولا : انقضاء الإلتزام بالوفاء

ينقضي الالتزام التضامني في حق جميع الدائنين إذا أوفاه المدين لأي واحد منهم. جاء بهذا الخصوص ضمن الفقرة الأولى من الفصل 155 من ق.ل.ع " ينقضي الإلتزام التضامني في حق جميع الدائنين ، إذا تم في حق أحدهم الوفاء به...".

وليس لمن اختاره المدين من الدائنين أن يرفض استيفاء الدين كله ، بل ليس له أن يقتضر على قبض نصيبه من هذا الدسن ويرفض قبض الباقي ، إنما ينبغي عليه أن يقبض كل الدين. وهذه هي الميزة الجوهرية للتضامن بين الدائنين.

وإذا رفض الدائن الذي اختاره المدين استيفاء الدين جاز للمدين أن يعرضه عليه عرضا حقيقيا ، ويتبع هذا العرض بالإيداع الفعلي وفقا للإجراءات المقررة للعرض والإيداع في الفصل 275 وما يليه من ق.ل.ع. جاء بهذا الخصوص ضمن الفصل 155 من ق.ل.ع " ينقضي الإلتزام التضامني في حق جميع الدائنين ، إذا تم في حق أحدهم...إيداع الشيء المستحق...".

وتجدر الإشارة إلى أن المدين لا يستطيع أن يفرض على الدائن وفاء حصته من الدين فحسب. فللدائن رفض هذا الوفاء الجزئي والإصرار على استيفاء الدين بكامله.

غير أن هذا لا يمنع من أن يتفق المدين مع أحد الدائنين على أن يؤدي له نصيبه من الدين فقط. ففي هذه الحالة تبرأ ذمة المدين تجاه بقية الدائنين بقدر ما دفع ويصبح لكل من هؤلاء مطالبة المدين بالدين بعد أن يخصم منه حصة الدائن التي تم دفعها. وهذا ما قررته الفقرة الثاتية من الفصل 155 من ق.ل.ع بقولها " إذا وفى المدين لأحد الدائنين المتضامنين حصته من الدين برأت ذمته في حدود هذه الحصة تجاه الباقين ".

ثانيا : انقضاء الإلتزام بأسباب أخرى أنزلها المشرع منزلة الوفاء

لقد توسع المشرع في الأسباب التي تؤول إلى انقضاء الإلتزام التضامني في مواجهة الدائنين جميعا واعتبربمثابة الوفاء : الوفاء بمقابل ، المقاصة ، التجديد.

وهذا ما قرره المشرع صراحة في الفصل 155 من ق.ل.ع بقوله " ينقضي الإلتزام التضامني في حق جميع الدائنين ، إذا تم في حق أحدهم الوافاء به أو الوفاء بمقابل ، أو إيداع الشيء المستحق ، أو المقاصة أو التجديد ".

أما أسباب انقضاء الإلتزام الأخرى غير الوفاء والوفاء بمقابل والمقاصة والتجديد ، أي أسباب الانقضاء الكامنة في الإبراء و اتحاد الذمة والتقادم ، فإن المشرع لم يرتب عليها إذا حصلت فيما بين المدين وأحد الدائنين المتضامنين انقضاء الالتزام التضامني تجاه جميع الدائنين ، بل قصر أثرها على براءة ذمة المدين تجاه باقي الدائنين في حصة الدائن الذي برأت ذمة المدين قبله.

فهكذا نصت الفقرة الأولى من الفصل 156 من ق.ل.ع على أن " الإبراء من الدين الحاصل من أحد الدائنين المتضامنين لا يسوغ الإحتجاج به على الآخرين ، وهو لا يبرئ ذمة المدين من الدين إلا في حدود حصة من أبرأه ".

ونصت الفقرة الثانية من الفصل 156 من ق.ل.ع على أن " اتحاد الذمة الحاصل بين أحد الدائنين المتضامنين وبين المدين لا يترتب عليه انقضاء الالتزام إلا بالنسبة لهذا الدين ".

وهكذا أيضا ورد في الفقرة الأولى من الفصل 158 من ق.ل.ع أن " التقادم الذي يتم ضد أحد الدائنين المتضامنين لا يمكن الإحتجاج به على الآخرين ".

وعيله إذا أبرأ أحد الدائنين المتضامنين المدين ، فلا تبرأ ذمته تجاه بقية الدائنين إلا بقدر حصة الدائن الذي يصدر منه الإبراء ويكون لأي من هؤلاء الرجوع على المدين ببقية الدين. وإذا اتحدت ذمة أحد الدائنين المتضامنين بذمة المدين بأن ورث المدين أحد هؤلاء الدائنين فإن اتحاد الذمة لا يقضي الدين بالنسبة إلى بقية الدائنين إلا في حدود حصة الدائن الذي اتحدت ذمته بذمة المدين. وإذا تقادم الدين بالنسبة لأحد الدائنين المتضامنين ولم يتقادم بالنسبة للآخرين لأن حقهم مربوط بأجل أو معلق على شرط ، فإن المدين لا يستطيع الإحتجاج إزاءهم إلا بقدر حصة الدائن الذي انقضى حقه بالتقادم.

ثالثا : الأعمال الضارة الصادرة عن أحد الدائنين لا تضر بقية الدائنين

إذا قام أحد الدائنين المتضامنين بعمل ضار فإن بقية الدائنين لا يضارون به. ذلك أن الدائنين المتضامنين إنما يعتبرون أن كلا منهم قد وكل الآخرين فيما ينفعه لا فيما يضره. وعليه كانت القاعدة أن الأعمال الضارة التي يقوم بها أحد الدائنين المتضامنين لا يسري أثرها في حق الآخرين.

وتترتب على هذه القاعدة النتائج التالية :

  • إذا ارتكب أحد الدائنين المتضامنين خطأ يوجب مسؤوليته تجاه المدين ، فإن هذا الخطأ لا يكون له أثر قبل باقي الدائنين ولا يسألون عنه. جاء بهذا الخصوص ضمن الفقرة الثانية من الفصل 158 من ق.ل.ع أن " خطأ أحد الدائنين المتضامنين لا يضر بالآخرين ".

  • إذا ثبتت المماطلة بحق أحد الدائنين المتضامنين فإن أثر هذه المماطلة يبقى محصورا بالدائن الذي تحقق مطله. ورد بهذا الشأن ضمن الفقرة الثانية من الفصل 158 من ق.ل.ع أن " مطل أحد الدائنين المتضامنين لا يضر بالآخرين ".

  • إذا صالح أحد الدائنين المتضامنين المدين وانطوى الصلح على إبراء المدين من الدين أو كان من شأن الصلح أن يهدد مركز بقية الدائنين ويسيء إليه ، فإن هذا الصلح لا يمكن الإحتجاج به ضدهم إلا إذا قبلوا به. جاء بهذا الخصوص ضمن الفصل 160 من ق.ل.ع " الصلح الواقع بين أحد الدائنين وبين المدين لا يمكن الإحتجاج به ضدهم إذا تضمن إبراء من الدين ، أو كان من شأنه أن يجعل مركزهم سيئا وذلك ما لم يرتضوه ".

  • إذا منح أحد الدائنين المتضامنين أجلا للمدين فإن هذا الأجل لا يسري في مواجهة بقية الدائنين مالم ينتج العكس عن طبيعة امعاملة أو عن اتفاقات المتعاقدين. هذا ما نص عليه الفصل 161 من ق.ل.ع بقوله " الأجل الممنوح للمدين من أحد الدائنين المتضامنين ، لا يحتج به على الباقين ، مالم ينتج العكس عن طبيعة المعاملة أو عن اتفاقات المتعاقدين ".

  • إذا وجه أحد الدائنين المتضامنين اليمين للمدين وحلفها ، أو إذا صدر حكم ضد أحد الدائنين المتضامنين لصالح المدين فإن بقية الدائنين لا يضارون باليمين ولا بالحكم ، هذا كله ما لم ينتج العكس عن اتفاقات الأطراف أو عن طبيعة المعاملة. جاء بهذا الخصوص ضمن الفصل 157 من ق.ل.ع " لا يترتب أي أثر ضد الدائنين المتضامنين :

  1. عن اليمين الموجهة من أحد الدائنين المتضامنين للمدين ؛

  2. عن قوة الأمر المقضي بين المدين وبين أحد الدائنين المتضامنين.

هذا كله مالم ينتج العكس عن اتفاقات الطرفين أو عن طبيعة المعاملة ".

رابعا : الأعمال النافعة الصادرة عن أحد الدائنين يفيد منها بقية الدائنين

لئن كان يمتنع على الدائن المتضامن أن يقوم بما من شأنه الإضرار ببقية الدائنين ، فإنه ليس هناك ما يحول دون قيامه بأعمال تعود عليهم بالنفع. فمثل هذه الأعمال ، إذا ما صدرت عنه، يفيد منها سائر الدائنين المتضامنين وتسري بحقهم.

وتترتب على هذه القاعدة النتائج التالية :

  • إذا قطع احد الدائنين المتضامني التقادم استفاد من هذا القطع جميع الدائنين. هذا ما نص عليه الفصل 159 من ق.ل.ع بقوله " الأفعال التي تقطع التقادم لصالح أحد الدائنين المتضامنين تفيد الآخرين ".

  • إذا صالح أحد الدائنين المتضامنين المدين وتضمن هذا الصلح الإعتراف بالحق أو بالدين فإن هذا الصلح يفيد منه بقية الدائنين. جاء بهذا الخصوص ضمن الفصل 160 من ق.ل.ع " الصلح الواقع بين أحد الدائنين وبين المدين يفيد الآخرين إذا تضمن الإعتراف بالحق أو بالدين ".

وقد استثنى المشرع المغربي من القاعدة القائلة بإفادة سائر الدائنين المتضامنين من الأعمال النافعة التي يقوم بها أحدهم نكول المدين عن حلف اليمين وصدور حكم ضده لصالح أحد الدائنين المتضامنين. فإذا وجه أحد الدائنين المتضامنين اليمين للمدين ونكل عن حلفها أو إذا صدر حكم على المدين لمصلحة أحد الدائنين المتضامنين فإن بقية الدائنين لا يفيدون من نكول المدين عن حلف اليمين كما لا يفيدون من الحكم الصادر لمصلحة أحدهم هذا ما لم ينتج العكس من اتفاقات الأطراف أو من طبيعة المعاملة. جاء بهذا الخصوص ضمن الفصل 157 من ق.ل.ع " لا يترتب أي أثر لصالح الدائنين الآخرين :

  1. عن اليمين الموجهة من أحد الدائنين المتضامنين لليمين

  2. عن قوة الأمر المقضي بين المدين وبين أحد الدائنين المتضامنين.

وهذا كله ما لم ينتج العكس عن اتفاقات الطرفين أو عن طبيعة المعاملة ".

الفقرة الثانية : علاقة الدائنين المتضامنين بعضهم ببعض

لئن كان من خصائص الدين المترتب لمصلحة عدة دائنين متضامنين أنه لا ينقسم في علاقتهم بالمدين ، بل يسوغ لأي دائن قبض كامل الدين من المدين ، ويسوغ للمدين أداء الدين كله لأي دائن ، فإن الدين في علاقة الدائنين المتضامنين بعضهم ببعض ينقسم وما يستوفيه أحدهم من المدين يصير من حق الدائنين جميعا ويتحاصون فيه كل بقدر حصته.

ولتحديد حصة كل دائن يجب الرجوع مبدئيا إلى الإتفاق الذي نشأ بموجبه التضامن. أما إذا كان لا يوجد اتفاق يعين حصة كل من الدائنين المتضامنين فإنه يتيعن جعل الدين حصصا متساوية بين الدائنين وذلك عملا بالقاعدة الوارد عليها النص في الفصل 961 من ق.ل.ع وبمقتضاه " عند الشك يفترض أن أنصباء الشركاء متساوية ".

وقاعدة وجوب تقسيم ما يقبضه أحد الدائنين المتضامنين فيما بينهم جميعا تسري سواء كان ما قبضه الدائن على سبيل الوفاء أو الصلح. كما هي تسري أيا كانت الطريقة التي استوفي الدين بموجبها ، لا فرق بين أن يكون الدائن قبض الدين رأسا من المدين أم قبضه من كفيل أو من مدين آخر التزم إنابة عن المدين الأصلي. وهذا ما قرره المشرع في الفص 162 من .ل.ع بقوله " ما يقبضه كل من الدائنين المتضامنين ، سواء على سبيل الوفاء أو الصلح يصبح مشتركا بينه وبين الدائنين الآخرين ، كل على قدر حصته. وإذا أعطى لأحد الدائنين كفيل أو ارتضيت لصالحه إنابة من أجل حصته كان من حق الدائنين الآخرين أن يشتركوا معه فيما يدفعه الكفيل أو المدين المناب ، وهذا كله ما لم ينتج العكس عن اتفاق المتعاقدين أو عن طبيعة المعاملة ".

وكذلك تسري قاعدة انقسام الدين في علاقة الدائنين بعضهم ببعض أيا كان المقدار الذي قبضه الدائن لا فرق بين أن يكون قبض كل الدين أو جزء منه. بل هي تسري حتى لو كان الدائن قبض حصته فقط من الدين حيث يسوغ للدائنين الآخرين الرجوع عليه بقدر أنصبائهم في الحصة المقبوضة. هذا ما لم يمتنع على الدائن المتضامن تقديم ما قبض لسبب أجنبي لا يد له فيه. كأن يهلك الشيء أو المبلغ المقبوض بسبب قوة قاهرة أو حادث فجائي حيث تنتفي مسؤوليته ، ويتحمل الهلاك هو وسائر الدائنين المتضامنين. أما إذا كان الهلاك يرجع إلى خطئه ، فيبقى مسؤولا تجاه بقية الدائنين في حدود أنصبائهم. وهذا ما نص عليه الفصل 163 من ق.ل.ع بقوله " الدائن المتضامن الذي يقبض حصته ولا يستطيع تقديمها للدائنين الآخرين لسبب يرجع إلى خطئه ، ملزم تجاههم في حدود أنصبتهم منها ".


تعليقات

التنقل السريع