الشرط
عناصر الإلتزام ثلاثة : رابطة قانونية تربط المدين بالدائن ، محل الإلتزام وهو ما يلتزم المدين بأدائه للدائن ، طرفا الإلتزام وهما الدائن والمدين.
والإلتزام قد يكون بسيطا منجزا لا يلحقه وصف ما ، فالرابطة القانونية في هذا الإلتزام يكون وجودها محقق ونفاذها آني ، لها محل واحد ، وكل من طرفيه واحد لا يتعدد. ولكن قد يلحق الإلتزام في أحد هذه العناصر الثلاثة وصف يكون من شأنه أن يعدل من هذه الآثار ، فيكون الإلتزام موصوفا.
فقد يلحق الوصف المحل فلا يكون محلا واحدا بل يتعدد ، والتعدد إما أن يكون جمعيا أو تخييريا أو بدليا. فعندنا إذن لعنصر المحل أوصاف ثلاثة : وصف الجمع في الإلتزام متعدد المحل ، ووصف التخيير في الإلتزام التخييري ، ووصف البدل في الإلتزام البدلي.
وقد يلحق الوصف طرفي الإلتزام فيتعدد الدائن أوالمدين. وتعدد كل من الدائن أو المدين قد يكون من غير تضامن ، أو يكون بطريق التضامن ، وقد يتعدد الدائن أو المدين في التزام يكون قابلا أو غير قابل للإنقسام. فعندنا إذن لعنصر طرفي الإلتزام أوصاف ثلاثة : تعدد الطرفين في غير تضامن ، وتعددهما بطريق التضامن ، وقابلية أو عدم القابلية للإنقسام.
وقد يلحق الوصف رابطة المديونية فتعلق هذه الرابطة على شرط ويصبح وجودها أو زوالها غير محقق. ويسمى هذا الوصف بالشرط. أو يتراخى نفاذ الرابطة إلى أجل ، ويسمى هذا الوصف بالأجل. فعندنا إذن لعنصر رابطة المديونية وصفان : الأجل والشرط.
وقد عرض المشرع للشرط في الباب الأول من القسم الثاني المخصص لأوصاف الإلتزام من الكتاب الأول المتعلق بمصادر الإلتزامات وذلك في الفصول 107 إلى 126 من قانون الإلتزامات والعقود.
عرف المشرع الشرط في الفصل 107 من ق.ل.ع بقوله " الشرط تعبير عن الإرادة يعلق على أمر مستقبل وغير محقق الوقوع إما وجود الإلتزام وإما زواله ". فالإلتزام المقرون بشرط هو إذن التزام مجهول المصير ، إذ الشك يدور حول معرفة ما إذا كان الأمر الذي علق عليه وجود الإلتزام أو زواله سيتحقق أو لا يتحقق في المستقبل.
وقد عمل المشرع على تبيان مقومات الشرط ومختلف أصنافه، ثم أورد الآثار التي تترتب عليه.
وفي ضوء ما سبق تثار الإشكالية التالية : ما هي المقومات التي يتطلبها قيام الشرط ، ما أنواعه وما الآثار التي تترتب عليه ؟
المطلب الأول : قيام الشرط
سنتناول أولا مقومات الشرط ( الفقرة الأولى ) ، ثم أنواعه ( الفقرة الثانية ).
الفقرة الأولى : مقومات الشرط
إن الفصل 107 من ق.ل.ع يتطلب في الشرط أن يكون أمرا مستقبلا من جهة وأن يكون غير محقق الوقوع من جهة ثانية. وقد أضاف الفصل 108 من نفس القانون أن " كل شرط يقوم على شيء مستحيل أو مخالف للأخلاق الحميدة أو للقانون يكون باطلا ويؤدي إلى بطلان الإلتزام الذي يعلق عليه ".
فمن هذين النصين يتضح أن للشرط مقومات أربعة :
يجب أن يكون أمرا مستقبلا
يجب أن يكون غير محقق الوقوع
يجب أن يكون غير مستحيل
يجب أن يكون غير مخالف للقانون أو للأخلاق الحميدة
وسنتناول كل من هذه المقومات على حدة.
أولا : يجب أن يكون الشرط أمرا مستقبلا
لا بد في الأمر الذي ينطوي عليه الشرط أن يكون أمرا مستقبلا. والأمر المستقبل الذي ينطوي عليه الشرط قد يكون أمرا إيجابيا وقد يكون أمرا سلبيا.
والأمر الإيجابي والأمر السلبي يستويان في الحكم. على أن ثمة فارقا عمليا يبرز من ناحية تقدير الوقت الذي يعتبر فيه الشرط متحققا أو متخلفا. فعندما يكون الشرط أمرا إيجابيا تحدد عادة مدة قصيرة بحيث إذا انقضت هذه المدة دون أن يتحقق الأمر اعتبر الشرط متخلفا. أما إذا كان الشرط أمرا سلبيا فالمدة غالبا ما تكون طويلة.
وما دام الأمر الذي ينطوي عليه الشرط ، لا بد أن يكون مستقبلا ، فإن الأمر الماضي أو الأمر الحاصر لا يصح أن يكون شرطا حتى ولو كان مجهولا من أحد طرفي الإلتزام أو من كليهما. لذلك حرص المشرع بعد تعريفه الشرط في الفقرة الأولى من الفصل 107 من ق.ل.ع ، أن يوضح في فقرته الثانية أن " الأمر الذي وقع في الماضي أو الواقع حالا لا يصلح لأن يكون شرطا وإن كان مجهولا من الطرفين "
ثانيا : يجب أن يكون الشرط أمرا غير محقق الوقوع
يجب أن يكون الشرط أمرا غير محقق الوقوع ، وهذا الشك في وقوع الأمر هو لب الشرط والصميم فيه. فإذا كان الأمر محقق الوقوع فإنه لا يكون شرطا.
فالأمر المستقبل محقق الوقوع لا يكون شرطا ، بل يكون أجلا. فإذا أضاف الملتزم التزامه إلى موسم الحصاد ، كان الإلتزام مقرونا بأجل لا معلقا على شرط. لأن موسم الحصاد في المألوف من شؤون الدنيا لا بد آت فالأمر هنا محقق الوقوع. ويكون الأمر محقق الوقوع أجلا حتى ولو لم يكن موعد وقوعه محققا كالموت.
ثالثا : يجب أن يكون الشرط أمرا غير مستحيل الوقوع
الأمر مستحيل الوقوع لا يمكن أن يكون شرطا. والأمر مستحيل الوقوع هو الذي لا يمكن تحقيقه إما بسبب مغايرته لمقتضيات الطبيعة ، وإما بسبب تعارضه وأحكام القانون. وهكذا فالإستحالة إما أن تكون استحالة مادية أو طبيعية وإما أن تكون استحالة قانونية أو بحكم القانون.
والإستحالة المادية التي تحول دون قيام الشرط ، وباتالي دون وجود الإلتزام المعلق على مثل هذا الشرط هي الإستحالة المطلقة أي الإستحالة الموضوعية التي تجعل تحقق الشرط بالوسائل الموجودة في متناول الإنسان مستحيلا ، لا بالنظر إلى شخص المشترط إليه ، بل بالنسبة للكافة.
أما الإستحالة النسبية فهي الإستحالة التي تقوم بانسبة إلى شخص المشترط إليه فقط. فمثل هذه الإستحالة لا تمنع من قيام الشرط لأنها عجز شخصي لا استحالة.
وكما تكون الإستحالة مادية يمكن أن تكون قانونية. فمن يلتزم مثلا بإعطاء عمولة لسمسار إذا اشترى له عينا موقوفة أو حديقة عامة يكون علق التزامه على شرط مستحيل استحالة قانونية ، لأن التصرف بالوقف أو بالأملاك العامة أمر يحظره القانون حظرا مطلقا.
ويجب الإنتباه إلى أن العبرة في تقدير الإستحالة هي للوقت الذي اشترط فيه الشرط. فالتصرف الذي يعلق على شرط مستحيل يبقى باطلا حتى لو أصبح الشرط ممكنا في وقت لاحق. وهذا ما جاء ي الفقرة الأخيرة من الفصل 108 من ق.ل.ع " و لا يصير الإلتزام صحيحا إذا أصبح الشرط ممكنا فيما بعد ".
أما إذا كان الشرط وقت اشتراطه ممكنا ، ثم أصبح بعد ذلك مستحيلا ، فإنه يعتبر شرطا صحيحا قد تخلف.
وتجدر الملاحظة إلى أن اشتراط عدم القيام بعمل مستحيل لا يشكل شرطا مستحيلا. بل إن مثل هذا الشرط يعتبر لغوا لا معنى له ولا يؤثر على صحة الإلتزام الذي علق عليه.
رابعا : يجب أن يكون الشرط أمرا غير مخالف للقانون أو الأخلاق الحميدة
يجب أن يكون الشرط أمرا لا يخالف القانون. فالشرط الذي يخالف القانون هو شرط غير مشروع وبالتالي هو شرط باطل ومبطل للإلتزام المعلق عليه.
والشرط المخالف للقانون وإن كان يلتقي مع الشرط المستحيل استحالة قانونية من حيث أن كلاهما باطل ، إلا أنه يتميز عنه من حيث أنه ينصب على أمر يمكن تحقيقه.
وقد عرض المشرع على وجه التخصيص لبعض الأنواع من الشروط غير المشروعة التي تقع باطلة وتوؤدي إلى بطلان الإلتزام الذي يعلق عليها وذلك في الفصلين 109 و 110 من ق.ل.ع
فالفصل 109 من ق.ل.ع نص في فقرته الأولى على أن " كل شرط من شأنه أن يمنع أو يحد من مباشرة الحقوق والرخص الثابتة لكل إنسان كحق الإنسان في أن يتزوج وحقه في أن يباشر حقوقه المالية ، يكون باطلا ويؤدي إلى بطلان الإلتزام الذي يعلق عليه ".
بيد أن المشرع استثنى من حكم البطلان الحالة التي يمنع فيها أحد الطرفين نفسه من مباشرة حرفة معينة خلال وقت وفي منطقة محددين. جاء بهذا الخصوص ضمن الفقرة الثانية من الفصل 109 من ق.ل.ع " ولا يطبق هذا الحكم على الحالة التي يمنع فيها أحد الطرفين نفسه من مباشرة حرفة معينة خلال وقت وفي منطقة محددين ".
وتجدر الملاحظة إلى أن الإستثناء من البطلان الذي قرره المشرع يتطلب ، كما هو واضح ، أن يكون الإمتناع عن مباشرة الحرفة محددا من حيث الوقت ومن حيث المكان معا. أما إذا ورد الإمتناع مطلقا أو ورد محددا من حيث الوقت دون المكان أو من حيث المكان دون الوقت ، فإنه يقع باطلا ومبطلا للإلتزام المعلق عليه. وذلك عملا بحكم الفقرة الأولى من الفصل 109 من قزل.ع
والفصل 110 من ق.ل.ع نص على أن " الشرط الذي ينافي طبيعة الفعل القانوني الذي أضيف إليه يكون باطلا ويبطل الإلتزام الذي يعلق عليه ".
إلا أن المشرع أجاز تصحيح الإلتزام المعلق على شرط ينافي طبيعة الفعل القانوني الذي أضيف إليه إذا تنازل صراحة عن التمسك بالشرط الطرف الذي وضع لصالحه. جاء بهذا الخصوص ضمن الفقرة الثانية من القصل 110 من ق.ل.ع " ومع ذلك ، يجوز تصحيح هذا الإلتزام إذا تنازل صراحة عن التمسك بالشرط الطرف الذي وضع لصالحه ".
ولابد في التصحيح أن يقع التنازل عن التمسك بالشرط بصورة صريحة كما هو واضح من النص. أما التنازل الضمني فلا يكون منتجا ولا يترتب عليه تصحيح الإلتزام.
ويجب أن يكون الشرط غير مخالف للأخلاق الحميدة. والشرط المخالف للأخلاق الحميدة هو الشرط الذي يرمي إلى حمل شخص على القيام بعمل ينافي القواعد الأخلاقية الواجب صيانتها وحمايتها.
ومفهوم الأخلاق الحميدة يتطور باستمرار. ومن ثم يعود للقضاء تكييف عدم مطابقة الشرط للأخلاق الحميدة تبعا لحاجات العصر وأخلاقه وحسب نظرة المجتمع إلى الحياة وإلى الأمور.
وأخيرا لابد في الشرط حتى يعتد به ، أن تكون ثمة فائدة من تحققه. أما إذا طرأ ما من شأنه أن يعدم هذه الفائدة فإنه يجب اعتبار الشرط كأن لم يكن والإلتزام المعلق عليه التزاما منجزا. جاء بهذا الخصوص ضمن الفصل 111 من ق.ل.ع " يبطل ويعتبر كأن لم يكن الشرط الذي تنعدم فيه كل فائدة ذات بال ، سواء بالنسبة إلى من وضعه أو إلى شخص غيره ، أو بالنسبة إلى مادة الإلتزام ".
الفقرة الثانية : مختلف أنواع الشرط
إن الشرط على أنواع مختلفة يمكن تصنيفها من زوايا متعددة :
فبمقتضى تصنيف أول ، وهو الأهم ، الشرط من حيث أثره ، إما أن يكون شرطا واقفا وإما أن يكون شرطا فاسخا.
وبمقتضى تصنيق ثان ، الشرط من حيث تعلقه بإرادة طرفي الإلتزام ، إما أن يكون شرطا غير إرادي أو متروكا لصدفة ، وإما أن يكون شرطا إراديا ، وإما أن يكون شرطا مختلطا.
وبمقتضى تصنيف ثالث ، قاصر على الشرط الإرادي ، الشرط من حيث دور الإرادة فيه ، إما أن يكون شرطا إراديا بسيطا وإما أن يكون شرطا إراديا محضا وذلك تبعا لكون هذا الدور مقيدا بظروف الإرادة وملابساتها أو مطلقا من كل قيد.
أولا : الشرط الواقف والشرط الفاسخ
الشرط الواقف هو الذي يتوقف عليه وجود الإلتزام بحيث إذا تحقق الشرط وجد الإلتزام ، وإذا تخلف لا تقوم للإلتزام قائمة ولا يخرج إلى الوجود.
أما الشرط الفاسخ فهو الذي يتوقف عليه زوال الإلتزام بحيث إذا تحقق الشرط زال الإلتزام واعتبر كأن لم يكن. وإذا تخلف أصبح الإلتزام باتا.
ويلاحظ أن الإلتزام الموقوف على شرط فاسخ هو في حقيقته التزام يتوقف زواله على شرط واقف. فالشرط في واقع الأمر هو شرط واقف في الأحوال كافة. بمعنى أنه يتوقف عليه إما وجود الإلتزام وإما زواله. فإن توقف عليه وجود الإلتزام سمي شرطا واقفا وإن توقف عليه زوال الإلتزام سمي شرطا فاسخا.
وقد يصعب أحيانا معرفة ما إذا كان الشرط الوارد في العقد هو شرط واقف أو شرط فاسخ ويثور بالتالي الشك في تعيين نوع الشرط. ففي مثل هذه الحالة ، يعود الأمر لقاضي الموضوع الذي يرجع إليه البت فيه مسترشدا بالملابسات والظروف التي تحيط بالقضية والتي تمكنه من معرفة نوع الشرط الذي انصرفت إليه نية الطرفين فيحكم بناء على هذه النية.
ثانيا : الشرط غير الإرادي والشرط الإرادي والشرط المختلط
الشرط غير الإرادي يسمى أيضا الشرط المتروك للصدفة هو الذي لا علاقة له بإرادة الإنسان أصلا بل تتحكم فيه ظروف خارجة عن هذه الإرادة ، لأن الأمر الذي يتوقف عليه ليس باستطاعة الدائن ولا المدين تحقيقه أو الحيلولة دون تحقيقه. وبديهي أن يقع الشرط غير الإرادي شرطا صحيحا دوما لأن سائر المقومات متوافرة فيه. فهو أمر مستقبل غير محقق الوقوع وغير مستحيل وليس فيه ما يخالف القانون أو النظام العام أو الآداب العامة.
والشرط الإرادي هو الذي يتعلق بإرادة أحد طرفي الإلتزام الدائن أو المدين وتتحكم فيه هذه الإرادة. بمعنى أن الأمر الذي يقوم عليه يستطيع أحد الطرفين المتعاقدين تحقيقه أو منع تحقيقه.
والشرط الإرادي يكون صحيحا أحيانا ، ويقع غير صحيح أحيانا أخرى.
أما الشرط المختلط فهو الذي يتوقف تحققه على إرادة أحد طرفي الإلتزام ومشاركة عامل خارجي عنهما كمجرد الصدفة أو إرادة الغير.
والشرط المختلط هو شرط صحيح لأنه وإن كان يتوقف إلى حد ما على إرادة أحد طرفي الإلتزام فهو رهين بعنصر خارج عن هذه الإرادة يجعل تحققه أمرا محتملا غير محقق وغير مستحيل.
ثالثا : الشرط الإرادي البسيط والشرط الإرادي المحض
الشرط الإرادي البسيط هو الشرط الذي وإن كان يتعلق بإرادة أحد طرفي الإلتزام ، إلا أن هذه الإرادة ليست مطلقة بل هي مقيدة بمؤثرات وملابسات تحيط بها.
أما الشرط الإرادي المحض فهو الذي يتوقف فقط على إرادة المشترط ولا يتطلب سوى التعبير عن هذه الإرادة.
ولمعرفة ما إذا كان الشرط الإرادي المحض شرطا صحيحا أم شرطا باطلا ، لابد من التمييز بين أن يكون الشرط الإرادي المحض شرطا واقفا وبين أن يكون شرطا فاسخا.
فإذا كان الشرط الإرادي المحض الواقف قد علق على إرادة الدائن وقع شرطا صحيحا. أما إذا علق على محض إرادة المدين فهو يقع باطلا ويعتبر الإلتزام المعلق عليه باطلا كذلك ومجردا من كل أثر. وهذا ما قرره المشرع في مطلع الفصل 112 من ق.ل.ع بقوله " يبطل الإلتزام إذا كان وجوده معلقا على محض إرادة الملتزم ".
والشرط الإرادي المحض الفاسخ هو شرط صحيح سواء كان معلقا على إرادة الدائن أم كان معلقا على إرادة المدين. ويترتب على ذلك أن الإلتزام المعلق على مثل هذا الشرط يقع التزاما صحيحا وينتج سائر آثاره القانونية. فالفصل 112 من ق.ل.ع بعد أن قرر بطلان الإلتزام إذا كان وجوده معلقا على محض إرادة الملتزم أضاف " ومع ذلك ، يجوز لكل من الطرفين أو لأحدهما أن يحتفظ لنفسه بالحق في أن يصرح خلال أجل محدد بما إذا كان يريد الإبقاء على العقد أو يريد فسخه ".
وبالنظر لما لخيار الفسخ من أهمية ، فقد خصص له المشرع عدة فصول بين فيها أحكامه بالتفصيل. وتلخص هذه الأحكام الأمور التالية :
لئن كان يسوغ مبدئيا الإحتفاظ بخيار الفسخ في سائر التصرفات المالية ، فإن بعض التصرفات تستثنى من ذلك عى ما ورد في الفصل 112 وبمقتضاه " ولا يسوغ اشتراط الإحتفاظ بهذا الحق في الإعتراف بالدين ولا في الهبة ولا في الإبراء من الدين ولا في بيع الأشياء ابمستقبلة المسمى بالسلم ".
إذا حدد ميعاد لممارسة خيار الفسخ وجب ممارسة الخيار خلال هذا الميعاد. أما إذا لم يحدد الميعاد فإنه يسوغ لكل من الطرفين أن يطلب من الآخر أن يصرح بما يريده في ميعاد معقول. جاء بهذا الخصوص ضمن الفصل 113 من ق.ل.ع " إذا لم يحدد أجل في الحالة المنصوص عليها في الفصل السابق ، ساغ لكل من الطرفين أن يطلب من الآخر أن يصرح بما يريده في أجل معقول ".
إذا انقضى الميعاد دون أن يصرح المتعاقد بأنه يريد فسخ العقد ، أصبح هذا العقد نهائيا ابتداء من وقت إبرامه. وعلى العكس إذا أبدى المتعاقد صراحة للمتعاقد الآخلا رغبته في التخلص من العقد ، فإن الإتفاق يعتبر كأن لم يكن. هذا ما جاء في الفصل 114 من ق.ل.ع " إذا انقضى الأجل ، دون أن يصرح المتعاقد بأنه يريد فسخ العقد ، أصبح هذا العقد نهائيا ابتداء من وقت إبرامه. وعلى العكس ، إذا أبدى المتعاقد للطرف الآخر رغبته القاطعة في التحلل من العقد ، فإن الإتفاق يعتبر كان لم يكن ".
إذا مات المتعاقد الذي احتفظ لنفسه بخيار الفسخ قبل فوات الميعاد المحدد لمباشرته ودون أن يعبر عن قصده ، انتقل حق الخيار لورثته وأصبح لهؤلاء الخيار بين الإبقاء على العقد وبين فسخه خلال الوقت الذي كان باقيا لمورثهم.
وإذ اختلف الورثة فيما بينهم ، فإنه لا يسوغ للراغبين منهم في الإبقاء على العقد إجبار الآخرين على قبوله وإنما يجوز لهم أن يأخذوا العقد كله لحسابهم الشخصي. جاء بهذا الخصوص ضمن الفصل 115 من ق.ل.ع " إذا مات المتعاقد الذي احتفظ لنفسه بخيار الفسخ قبل فوات الأجل المحدد لمباشرته ، من غير أن يعبر عن إرادته ، كان لورثته الخيار بين الإبقاء على العقد وبين فسخه ، خلال الوقت الذي كان باقيا لموروثهم.
وإذا اختلف الورثة ، فلا يسوغ للراغبين في الإبقاء على العقد أن يجبروا الآخرين على قبوله، وإنما يجوز لهم أن يأخدوا العقد كله لحسابهم الشخصي ".
طبقا للفصل 116 من ق.ل.ع إذا أصيب المتعاقد الذي احتفظ لنفسه بخيار الفسخ بالجنون أو بأي سبب آخر من أسباب نقص الأهلية ، عينت المحكمة ، بناء على طلب المتعاقد الآخر أو أي ذي مصلحة غيره ، مقدما خاصا ليقرر ، بعد إذن المحكمة ، ما إذا كان يقبل العقد أو يفسخه وفق ما تقتضيه مصلحة ناقص الأهلية. وفي حالة الإفلاس يكون المقدم ، بحكم القانون ، هو وكيل التفليسة ( السنديك ) أو أي ممثل آخر لكتلة الدائنين.
تعليقات
إرسال تعليق