المسؤولية التقصيرية عن الفعل الشخصي
نص عليها المشرع في الفصلين 77 و 78 من ق.ل.ع حيث تتحقق بمناسبة أعمال التعدي الصادرة عن المسؤول بنفسه دون تدخل مباشر لشخص آخر أو شيء أو حيوان. وهي تشكل المبدأ في عموم المسؤولية المدنية. وتتميو بكونها تقوم على خطأ واجب الإثبات ، أي خطأ يتعين على المتضرر أن يثبته في جانب المسؤول.
وعليه ، يجب أن نبحث في أركان المسؤولية التقصيرية عن الفعل الشخصي ( الفقرة الأولى)، ثم في الآثار التي تترتب عن هذه المسؤولية ( الفقرة الثانية ).
الفقرة الأولى : أركان المسؤولية التقصيرية عن الفعل الشخصي
نص الفصل 77 من ق.ل.ع على أن " كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار ومن غير أن يسمح به القانون فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير ، التزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر إذا ثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر ".
فمن هذا النص يتبين أن هذه المسؤولية لا تقوم إلا بتوافر أركان ثلاثة :
خطأ
ضرر
وعلاقة سببية بين الخطأ والضرر
وسنتطرق لكل واحد من هذه الأركان.
أولا : الخطأ
عرف المشرع الخطأ في الفصل 78 ـ فقرة 3 ـ بقوله " الخطأ هو ترك ما كان يجب فعله ، أو فعل ما كان يجب الإمساك عنه ، وذلك من غير قصد لإحداث الضرر ".
وبالرغم من تعدد وتنوع الأخطاء التي قد يقترفها الفرد ، فإنه يمكن تقسيمها بالنظر للاعتبارات التالية :
الخطأ من حيث طبيعته : فهو يدور بين الخطأ الإيجابي والخطأ السلبي والخطأ المترتب عن التعسف في استعمال الحق.
الخطأ من حيث مدى تعمده : حيث قد يكون عمديا أو غير عمدي
الخطأ من حيث خطورته : ومن هذه الزاوية قد يكون الخطأ جسيما أو يسيرا أو تافها.
فمن زاوية أولى يتأرجح الخطأ بين خطأ إيجابي وخطأ سلبي وخطأ مترتب عن التعسف في استعمال الحق.
أما الخطأ الإيجابي فقد عرفه الفصل 78 ـ فقرة 3 ـ بأنه " فعل ما كان يجب الإمساك عنه ".
وأما الخطأ السلبي فهو ما عبر عنه كذلك الفصل 78 ـ فقرة 3 ـ بأنه " ترك ما كان يجب فعله".
انطلاقا من ذلك إذا كانت دائرة الأخطاء السلبية تعتبر ضيقة بالمقارنة مع دائرة الأخطاء الإيجابية فهي ترتب نفس المفعول، كما أن تحديد هذه الأخطاء السلبية يختلف باختلاف ما إذا كان القانون قد تدخل لمنع بعض الأفعال أم لا.
فإذا كان القانون قد تدخل لفرض الإمساك عن أفعال معينة ، فإن الإقدام عليها يشكل تعديا لامحالة. والمثال على ذلك :
إنكار العدالة من قبل القاضي : الذي يمتنع عن إصدار الأحكام في القضايا المعروضة عليه. جاء بهذا الخصوص ضمن الفصل 81 من ق.ل.ع " القاضي الذي يخل بمقتضيات منصبه يسأل مدنيا عن هذا الإخلال تجاه الشخص المتضرر في الحالات التي تجوز فيها مخاصمته ". ذاك مع العلم أن ق.م.م حدد حالات مخاصمة القضاة ومن بينها حالة إنكار العدالة التي تعطي للمتضرر الحق في التعويض عن الأضرار المدنية المترتبة عن هذا الإنكار الذي يعتبر خطأ بالإمتناع.
وإذا لم يحدد القانون الأفعال التي يتعين الإمساك عنها ، فإن موجبات التعايش الإجتماعي تفرض على الشخص عدة التزامات تكرسها القاعدة المعتمدة في مجال القانون المدني والتي تقضي بأن " من يستطيع ولا يفعل يعد مسؤولا ".
أما فيما يخص الخطأ المترتب عن التعسف في استعمال الحق ، فالأصل أن الشخص لا يعتبر مخطئا عند استعماله لحق من حقوقه أو حرية يعترف له بها القانون ، ولو سبب ذلك مضايقة أو ضررا للغير.
لكن تعقيدات الحياة المعاصرة فرضت عدة التزامات على عاتق صاحب الحق الذي يتعين عليه أن يتجنب استعمال حقه على نحو يتعارض مع الغاية الإجتماعية التي أنشئ من أجلها هذا الحق.
وقد أكد الفصل 94 ـ فقرة 1 ـ على قاعدة عامة تفيد بأنه " لا محل للمسؤولية المدنية ، إذا فعل شخص بغير قصد الإضرار ما كان له الحق في فعله ".
واعتمد المشرع في ق.ل.ع تطبيقا من تطبيقات التعسف في استعمال الحق يتمثل في مضار الجوار ،حيث تصدى لها في عدة فصول :
الفصل 91 من ق.ل.ع : " للجيران الحق في إقامة دعوى على أصحاب المحلات المضرة بالصحة أو المقلقة للراحة بطلب ، إما إزالة هذه المحلات ، وإما إجراء ما يلزم فيها من التغيير لرفع الأضرار التي يتظلمون منها. ولا يحول الترخيص الصادرمن السلطات المختصة دون مباشرة هذه الدعوى ".
الفصل 92 من ق.ل.ع : " ومع ذلك ، لا يحق للجيران أن يطلبوا إزالة الأضرار الناشئة عن الإلتزامات العادية للجوار ، كالدخان الذي يتسرب من المداخن ، وغيره من المضار التي لا يمكن تجنبها والتي لا تتجاز الحد المألوف ".
الفصل 94 ـ فقرة 2 ـ : " غير أنه إذا كان من شأن مباشرة هذا الحق أن تؤدي إلى إلحاق ضرر فادح بالغير وكان من الممكن تجنب هذا الضرر أو إزالته ، من غير أذى جسيم لصاحب الحق ، فإن المسؤولية المدنية تقوم إذا لم يجر الشخص ما كان يلزم لمنعه أو إيقافه ".
ومن زاوية أخرى يمكن تقسيم الخطأ بالنظر لمدى تدخل الإرادة في إحداثه ، إلى خطأ عمدي وخطأ بالإهمال.
فالخطأ العمدي هو الذي يقترفه الشخص عن بينة واختيار قاصدا الإضرار بالغير. وهذا ما عبر عنه ق.ل.ع بالجريمة. وقد أشار المشرع إلى الخطأ العمدي في الفصل 77 حينما تكلم عن الفعل الضار الذي " يرتكبه الإنسان عن بينة واختيار فيحدث ضررا للغير ".
أما الخطأ بالإهمال أو الخطأ غير العمدي ، فهو الذي يقوم به الشخص دون نية الإضرار بالغير ، بحيث يكون الضرر الحاصل مترتبا عن إهمال أو قلة احتراز أو عدم تبصر. وهذا ما وصفه المشرع بالإلتزامات الناشئة عن شبه الجريمة. كما يستفاد من سياق الفصل 78 أن الإنسان يسأل حتى عن الأضرار المعنوية والمادية التي يحدثها للغير ولو عن طريق الإهمال.
وكما هو معلوم يتمتع القاضي بسلطة تقديرية واسعة للرفع من حجم التعويض المستحق للمضرور أو تخفيضه ، وذلك بحسب ما إذا كان خطأ المسؤول عمديا أو حصل بالإهمال. وهذا ما ما يستنتج دلالة من خلال الفصل 98 ـ فقرة 2 ـ من ق.ل.ع الذي جاء فيه " ويجب على المحكمة أن تقدر الأضرار بكيفية مختلفة حسبما تكون ناتجة عن خطأ المدين أو تدليسه".
ومن زاوية أخرى ينظر عند تقدير المسؤولية ونطاقها إلى ما إذا كان الخطأ جسيما أو يسيرا. وبحسب الأخذ بدرجة من درجات الخطأ يتسع نطاق المسؤولية أو يضيق. ويكون الخطأ جسيما عندما يكون الإخلال قد حصل بواجبات قانونية على قدر من الأهمية.
وعليه يمكن القول إن الخطأ هو انحراف عن السلوك الواجب على نحو لا يرتكبه الشخص اليقظ لو أنه وجد في نفس الظروف الخارجية لمرتكب الفعل. من ثم يتعين على الإنسان أن يكون يقظا متبصرا في سلوكه ، فإذا انحرف عن السلوك الواجب مع امتلاكه التمييز الكافي ليدرك انحرافه اعتبر هذا الإنحراف خطأ يوجب المسؤولية. وهذا يعني أنه لقيام الخطأ لابد من توافر ركنين : ركن مادي هو انحراف السلوك ويعبر عنه بالتعدي ، وركن معنوي هو إدراك الشخص لانحراف سلوكه ويعبر عنه بالتمييز والإدراك.
الركن المادي في الخطأ : التعدي
التعدي هو الخروج عن الدائرة التي اعترف القانون للأفراد بالعمل في إطارها. وهو يمكن أن يتخذ إحدى صورتين :
الصورة الأولى : مخالفة نص قانوني
إذا كان القانون قد نص على التزام محدد ، فالإخلال بهذا الإلتزام يعتبر تعديا يوجب المسؤولية. وقد خص المشرع المغربي بالذكر في المادتين 83 و 84 من ق.ل.ع بعض الإلتزامات التي اعتبر الإخلال بها يوجب المسؤوية.
فالمادة 83 من ق.ل.ع نصت على أن " مجرد النصيحة أو التوصية تترتب عليها مسؤولية صاحبها في الحالات التالية :
إذا أعطى النصيحة قصد خداع الطرف الآخر
إذا كان بسبب تدخله في المعاملة بحكم وظيفته ، قد ارتكب خطأ جسيما ، أي خطأ ما كان ينبغي أن يرتكبه شخص في مركزه ، ونتج عن هذا الخطأ ضرر للطرف الآخر
إذا ضمن نتيجة المعاملة.
والفصل من ق.ل.ع رتب المسؤولية على المنافسة غير المشروعة ، وعدد على سبيل المثال بعض الوقائع التي يمكن اعتبارها من قبيل المنافسة غير المشروعة :
استعمال اسم أو علامة تجارية تماثل تقريبا ما هو ثابت قانونا لمؤسسة أو مصنع معروف من قبل ، أولبلد يتمتع بشهرة عامة ، وذلك بكيفية من شأنها أن تجر الجمهور إلى الغلط في شخصية الصانع أو في مصدر المنتوج.
استعمال علامة أو لوحة أو كتابة أو لافتة أو أي رمز آخر يماثل أو يشابه ما سبق استعماله على وجه قانوني سليم من تاجر أو صانع أو مؤسسة قائمة في نفس المكان يتاجر في السلع المشابهة ، وذلك بكيفية من شأنها أن تؤدي إلى تحويل الزبناء عن شخص لصالح شخص آخر.
أن تضاف إلى اسم إحدى السلع ألفاظ : صناعة كذا...أو وفقا لتركيب كذا...أو أي عبارة أخرى مماثلة تهدف إلى إيقاع الجمهور في الغلط إما في طبيعة السلعة أو في أصلها.
حمل الناس على الإعتقاد أن شخصا قد حل محل مؤسسة معروفة من قبل أو أنه يمثلها ، وذلك بواسطة النشرات وغيرها من الوسائل.
وتطبيقا للفصل 84 من ق.ل.ع قرر المجلس الأعلى في قرار صادر عنه بتاريخ 7 ماي 1969 أن " تقليد العلامة التجارية بصورة تحدث التباسا في ذهن الزبناء يشكل منافسة غير مشروعة موجبة للتعويض ".
الصورة الثانية : مخالفة التزامات قانونية غير محددة في نصوص
لا يقتصر الخطأ على الإخلال بالتزامات ورد عليها النص في القانون. فهناك التزامات قانونية كثيرة لم يحددها المشرع في نصوص ، وإنما هي من قبيل الواجبات العامة التي تفرض على الإنسان احترام حقوق الغير والإمتناع عن إيذائه ، والتي لا سبيل لحصرها في نصوص.
الركن المعنوي في الخطأ : التمييز أو الإدراك
لا يكفي لوجود الخطأ أن يقع الإنحراف عن السلوك العادي ، وإنما يجب أن يكون مرتكب الخطأ يعلم أو باستطاعته أن يعلم بأنه اقترف تعديا على النحو المذكور. وهذا ما يقتضي أن يكون مميزا مدركا لما يفعل. فعديم التمييز لا يكون مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه للغير. جاء بهذا الخصوص ضمن الفصل 96 من ق.ل.ع " القاصر عديم التمييز لا يسأل مدنيا عن الضرر الحاصل بفعله ، ويطبق نفس الحكم على فاقد العقل ، بالنسبة إلى الأفعال الحاصلة في حالة جنونه. وبالعكس من ذلك يسأل القاصر عن الضرر الحاصل بفعله ، إذا كان له من التمييز الدرجة اللازمة لتقدير نتائج أعماله ".
وكما هو معلوم إن الأصل في الشخص كمال الأهلية ، أما الإستثناء فهو انعدامها أو نقصانها عنده في الأحوال التي نص عليها القانون.
من ثم فإن انعدام التمييز عند الشخص قد يعود لأسباب قانونية مختلفة وهي بالخصوص :
صغر السن : سن التمييز طبقا للمادة 214 من مدونة الأسرة هو 12 سنة شمسية كاملة. ولذلك فإن الصغير دون هذه السن لا يكون مسؤولا مسؤولية شخصية عن تصرفاته الضارة نظرا لانعدام الإدراك عنده حكما. فإذا أتمها متمتعا بقواه العقلية أصبح مسؤولا مسؤولية كاملة عن أفعاله الضارة.
الجنون وفقدان العقل : أيضا لا يسأل كل من المجنون وفاقد العقل شخصيا عن تعويض الأضرار إذا كان فعل التعدي صدر عن أحدهما وقت جنونه ، أما إذا صدر هذا الفعل وقت إفاقته فإن مسؤوليته تبقى ثابتة نظرا لتمتعه بالتمييز والإدراك.
السكر والمخدرات : قد يعود انعدام التمييز عند الشخص لتناوله خمورا أو مخدرات مما يذهب العقل ، وهنا لا تنتفي المسؤولية المدنية إلا إذا ثبت تعاطي ذلك بطريقة اضطرارية، أما إذا حصل التعاطي بطريقة اختيارية فإن المسؤولية تبقى كاملة معاملة للمعني بالأمر بنقيض قصده وسوء فعله. وهذا ما ما أكد عليه المشرع عندنا ضمن نصين: المادة 217 ـ فقرة 3 ـ من مدونة الأسرة التي جاء فيها " الفقدان الإرادي للعقل لا يعفي من المسؤولية " ، والفصل 93 من ق.ل.ع الذي نص على أنه " السكر ، إذا كان اختياريا ، لا يحول دون المسؤولية المدنية في الإلتزامات الناشئة عن الجرائم وأشباه الجرائم ، ولا مسؤولية مدنية إذا كان السكر غير اختياري...". وللإشارة فالأصل في تعاطي السكر والمخدرات أنه تم اختياريا ، وعلى من يدعي عكس ذلك إثباته.
إذا كان المشرع قد أسقط المسؤولية عن الصغار غير المميزين والمجانين وفاقدي العقل لأسباب طبيعية أو اضطرارية ، فإنه بالمقابل لم يسقطها عن أصحاب العاهات البدنية الأخرى. جاء بهذا الخصوص ضمن الفصل 97 من ق.ل.ع " الصم والبكم وغيرهم من ذوي العاهات يسألون عن الأضرار الناتجة عن أفعالهم أو أخطائهم إذا كان لهم من التمييز الدرجة اللازمة لتقدير أعمالهم ".
وجدير بالذكر في هذا السياق أن المشرع قد أورد حالات لا يكون فيها الخطأ سببا للمسؤولية، حيث يقع الخطأ نتيجة لظروف مبررة. وتتمثل هذه الظروف المبررة التي تجعل من الفعل غير المشروع فعلا مشروعا في :
الحالة الأولى : إعطاء بيانات غير صحيحة عن حسن نية ودون علم بعدم صحتها
لقد نص على هذه الحالة الفصل 82 من ق.ل.ع بقوله " من يعط بحسن نية وم غير خطأ جسيم أو تهور بالغ من جانبه ، بيانات وهو يجهل عدم صحتها ، لا يتحمل أية مسؤولية تجاه الشخص الذي أعطيت له :
إذا كانت له أو لمن تلقى البيانات مصلحة مشروعة في الحصول عليها
إذا وجب عليه ، بسبب معاملاته أو بمقتضى التزام قانوني ، أن ينقل البيانات التي وصلت إلى علمه ".
فمن هذا النص يتبين أن من كان ملزما بنقل بيانات وصلت إلى علمه ، أو من أعطى بيانات له مصلحة مشروعة في الحصول عليها أو في تلقيها ، لا يتحمل مسؤولية البيانات غير الصحيحة التي أعطاها في مثل هذه الحالات ، تجاه الشخص الذي أعطيت له ، ولو أحدثت له ضررا شريطة : أن يكون من أعطى البيانات حسن النية ، وأن لا يكون قد ارتكب خطأ جسيما أو تهورا بالغا ، وأن يكون أعطاها وهو يجهل عدم صحتها.
الحالة الثانية : مجرد النصيحة والتوصية في غير الحالات التي ذكرها في المادة 83
إن النصيحة أو التوصية ، إذا أحدثت ضررا لمن أسديت له رتبت امسؤولية على من أسداها في الحالات الآتية :
إذا أعطى النصيحة قصد خداع الطرف الآخر.
إذا كان بسبب تدخله في المعاملة بحكم وظيفته ، قد ارتكب خطأ جسيما ما كان ينبغي أن يرتكبه شخص في مركزه ، ونتج عن هذا الخطأ ضرر للطرف الآخر.
إذا ضمن نتيجة المعاملة.
أما في غير هذه الحالات الوارد عليها النص حصرا ، فإن مجرد النصيحة أو التوصية لا ترتب المسؤولية على صاحبها.
الحالة الثالثة : الدفاع الشرعي
نص الفصل 95 من ق.ل.ع على أنه " لا محل للمسؤولية المدنية في حالة الدفاع الشرعي "، وأوضح أن حالة الدفاع الشرعي هي تلك التي يجبر فيها الشخص على العمل لدفع اعتداء حال غير مشروع موجه لنفسه أو لماله أو لنفس الغير أو ماله.
فمن يحدث ضررا للغير وهو في حالة دفاع شرعي عن نفسه أو ماله أو عن نفس الغير أو ماله لا يكون مسؤولا عن الضرر الذي يلحقه بالغير. على أنه لابد ، حتى يتحقق ذلك ، من توفر الشروط التالية :
وجود خطر اعتداء : فيتعين أن يكون هناك خطر اعتداء على نفس المدافع أو ماله أو نفس الغير أو ماله. بحيث تنشأ حالة الدفاع بمجرد وجود خطر الإعتداء وقبل أن يصبح هذا الإعتداء أمرا واقعا.
أن يكون الإعتداء حالا : بمعنى أن يكون وشيك الوقوع ، أما إذا كان الإعتداء غير منتظر إلا بعد انصرام مدة تكون كافية للإستعانة بالسلطة العمومية المختصة ، فلا تكون هناك حالة دفاع شرعي.
أن يكون الإعتداء الحال غير مشروع : أما إذا كان مشروعا لاعتبر دفعه غير مشروع.
ثانيا : الضرر
لا يكفي لقيام المسؤولية التقصيرية تحقق الخطأ بل يتعين أن ينجم عنه ضرر.
وقد عرف المشرع الضرر كأحد أركان المسؤولية التقصيرية في الفصل 98 ـ فقرة 1 ـ من ق.ل.ع الذي جاء فيه " الضرر في الجرائم و أشباه الجرائم هو الخسارة التي لحقت المدعي فعلا والمصروفات الضرورية التي اضطر أو سيضطر إلى إنفاقها لإصلاح نتائج الفعل الذي ارتكب إضرارا به ، وكذلك ما حرم منه من نفع في دائرة الحدود العادية لنتائج هذا الفعل ".
والضرر التقصيري الذي يعطي الحق في التعويض نوعان : ضرر مادي وضرر معنوي. وقد أشار إليهما المشرع من خلال فصلين وردا في ق.ل.ع : الفصل 77 وجاء فيه " كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار ، من غير أن يسمح به القانون ، فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير ، ألزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر...". والفصل 78 الذي نص على أن " كل شخص مسؤول عن الضرر المعنوي أو المادي الذي أحدثه...".
الضرر المادي :
ويقصد به الضرر الذي يلحق الذمة المالية للشخص المتضرر كما أشار إلى ذلك الفصل 98 من ق.ل.ع ، وهو يدور بين المساس بمصلحة مالية للمتضرر أو إلحاق أذى بجسده أو فوات كسب وضياع فرصة عليه.
المساس بمصلحة مالية للطرف المتضرر
يمس الضرر هنا بمصالح مالية تندرج ضمن الذمة المالية للمضرور فينقص منها أو يتلفها أو يغتصبها أو يمنع مالكها من استعمالها أو استثمارها. ويندرج ضمن هذا الإطار نوعان من الأضرار :
النوع الأول : الأضرار المالية المباشرة ، التي تلحق الشخص في ممتلكاته أو حقوقه المالية.
النوع الثاني : الأضرار المالية غير المباشرة ، وتتمثل بالخصوص في ما ينفقه المصاب في جسده من نفقات العلاج وكذا تأمين سبل معيشته وحياته فيما إذا لحقه عجز في قواه الجسدية.
إلحاق الأذى بجسد الطرف المتضرر
يتعلق الأمر هنا بمختلف الأضرار التي تصيب الشخص في جسده ، فتؤثر في سلامته مما ينتج عنه بالخصوص : زوال قدرته على الكسب نتيجة للعجز المؤقت أو الدائم الذي لحقه ، بثر أحد أعضائه أو وفاته ، تشويه الخلقة أو الجمال كما يحصل نتيجة لإصابة الوجه
تفويت فرصة على المتضرر
قد يتسبب شخص بخطئه في تضييع فرصة على آخر من شأنها حرمانه ، مما كان يتوقعه من كسب أو تجنب خسارة. وهنا يستحق المتضرر تعويضا عن الضرر المؤكد الذي لحقه بشرط أن يثبت للمحكمة ادعاءه.
الضرر المعنوي
الضرر المعنوي أو الأدبي هو الأذى الذي يحدث عند الإنسان ألما نفسيا أو شعورا بالإنتقاص من قدره بسبب المساس بمشاعره أو إحساسه أو نفسيته أو مكانته العائلية أو المهنية أو الإجتماعية.
وقد أقر ق.ل.ع المغربي الحق في التعويض عن الضرر المعنوي ، حيث سوى بين الضرر المادي والمعنوي من حيث وجوب التعويض عنهما وذلك في الفصلين 77 و 78.
وهو نفس الإتجاه الذي يسير عليه القضاء المغربي ، إذ يعتد يعتد بالضرر المعنوي ويقول بوجوب التعويض عنه. حيث ذهبت محكمة الإستئناف بالرباط في قرار صادر عنها بتاريخ 21 أبريل 1964 إلى أن " ألم الوالدة التي شاهدت ابنتها وقد دهستها سيارة تقف مضرجة بدمائها ومسخنة بجروح بلغت من الشدة ما سبب وفاتها بساعات من وقوع الحادث ، يشكل ضررا معنويا يوجب التعويض ".
ويجب تعويض الضرر المعنوي بنفس الطريقة التي يجري بها تقدير تعويض الضرر المعنوي. وهذا ما اعتمده المجلس الأعلى ـ محكمة النقض حاليا ـ ضمن قرار صادر عنه بتاريخ 10 يوليوز 1986 جاء فيه أنه " بناء على الفصل 77 من ق.ل.ع يستفاد بأن مرتكب الضرر ملزم بتعويضه سواء كان هذا الضرر ماديا أو معنويا ، وحيث إن التعويض عن الضرر المعنوي كالتعويض عن الضرر المادي يجب أن يكون كاملا ومناسبا للضرر لا مجرد تعويض رمزي ".
ولا يكون الضرر ماديا كان أو معنويا مستوجبا للتعويض طبقا لأحكام المسؤولية التقصيرية إلا إذا كان محققا
الضرر المحقق : لابد أن يكون الضرر مؤكدا يستطيع القاضي تحديد معالمه والتعويض المناسب عنه. فيستفاد من الفصل 264 من ق.ل.ع أن الضرر المستوجب للتعويض هو ما " لحق الدائن من خسارة حقيقية وما فاته من كسب متى كانا ناتجين مباشرة عن عدم الوفاء بالإلتزام ".
من ثم تختلف مسألة قابلية الضرر للتعويض باختلاف ما إذا كان هذا الضرر قد وقع فعلا ، أو كان مستقبلا ، أو محتملا.
فالضرر الواقع فعلا ، ويدعى أيضا الضرر الحال يستوجب بالطبع تعويضا آنيا.
أما الضرر المستقبلي فهو الضرر الذي تحقق سببه في الحاضر ، وتراخت أثاره كلها أو بعضها إلى المستقبل. فهذا الضرر يستوجب التعويض مادام أنه مؤكد الوقوع وله صلة مباشرة بفعل التعدي.
وأما الضرر الإحتمالي فهو ضرر غير مؤكد الحصول وبالتالي لا يندرج ضمن دائرة المطالبة بالتعويض نظرا لتعذر تحديده بتاريخها ، ومن ثم لتعذر تقدير التعويض عنه.
جاء ضمن قرار أصدره المجلس الأعلى بتاريخ 21 يناير 1976 إن " الضرر الذي يحق للشخص أن يطالب برفعه إذا توافرت إحدى حالات التعسف في استعمال الحق المنصوص عليها قانونا هو الضرر المحقق بأن يكون قد وقع فعلا أو وقعت أسبابه وتراخت آثاره إلى المستقبل. ولا عبرة لدى القاضي بالضرر الإحتمالي المبني على الوقائع التي قد تقع وقد لا تقع ".
ثالثا : العلاقة السببية بين الخطا والضرر
إذا كان الهدف من إرساء عموم قواعد المسؤولية المدنية هو التعويض عن الفعل الضار ، فإن روح التشريع ترفض أن يتحمل غير المعتدي تبعات عمل لم يصدر عنه أو حصل لأسباب مستقلة عن فعله. لذلك تنتصب العلاقة السببية كأحد أركان هذه المسؤولية ، وهي تقضي بأن الخطا الموجب للتعويض هو الذي يفضي إلى الإضرار بالغير مباشرة.
وهذا ما نص عليه المشرع صراحة في الفصلين 77 و 78 من ق.ل.ع ، حيث علق ترتب المسؤولية على كون " الخطأ هو السبب المباشر في حصول الضرر ".
وقد ورد بهذا المعنى في قرار للمجلس الأعلى صادر بتاريخ 11 أبريل 1962 أنه " لا مجال للحكم بالتعويض إذا كان الفعل المنسوب للشخص ليس سببا مباشرا لوقوع الضرر ".
ويقصد بالضرر المباشر ما كان نتيجة طبيعية للخطأ الذي أحدثه المسؤول ، والذي لم يكن باستطاعة المضرور أن يتوقاه ببذل جهد معقول.
وتتمتع محكمة الموضوع بسلطة تقديرية مطلقة في تعيين رابطة السببية بين الخطأ والضرر.
و بإمكان المدعى عليه في دعوى المسؤولية أن يتخلص كليا أو جزئيا من هذه المسؤولية بنفيه لعلاقة السببية بين الخطأ والضرر. وهذا ما يتحقق بإثباته أن الضرر لم يكن نتيجة لخطئه وإنما كان لسبب أجنبي عنه.
وكما هو معلوم فالسبب الأجنبي هو كل حدث خارج عن إرادة المسؤول ، ويتعلق الأمر هنا بكل من القوة القاهرة و الحادث الفجائي ، خطا المتضرر ، وخطأ الغير.
القوة القاهرة والحادث الفجائي :
لم يفرق المشرع المغربي بين القوة القاهرة والحادث الفجائي واعتبرهما على حد سواء من حيث عدم ترتيب المسؤولية ، حيث صرح في الفصل 95 من ق.ل.ع أنه " لا محل للمسؤولية المدنية...إذا كان الضرر قد نتج عن حادث فجائي أو قوة قاهرة لم يسبقها أو يصطحبها فعل يؤاخذ عليه المدعى عليه ".
ويشترط في حادث معين كي يعتبر بمثابة قوة قاهرة أو حادث فجائي تنتفي معه المسؤولية التقصيرية ، أن تتوفر فيه الشروط الثلاثة التالية :
عدم التوقع : يتعين أن يكون الحادث أمرا لا يمكن توقعه. أما إذا أمكن توقعه فلا يشكل قوة قاهرة أو حادثا فجائيا حتى ولو استحال دفعه.
استحالة الدفع : يجب أن يكون الحادث مما يجعل تفادي الضرر أمرا مستحيلا لا يستطاع دفعه. ويقصد بالإستحالة هنا لا الإستحالة بالنسبة إلى شخص المسؤول فحسب بل تلك التيتكون بالنسبة إلى أي شخص يوجد في موقف المسؤول. أما إذا كان من شأن الحادث أن يجعل تفادي الضرر أكثر مشقة أو أكثر إرهاقا أو كلفة فلا يكون هناك قوة قاهرة تنتفي معها المسؤولية التقصيرية. وتطبيقا لهذا المبدأ ذهبت محكمة الإستئناف في قرار صادر عنها بتاريخ 6 يوليوز 1963 إلى أن " هيجان البحر بسبب رداءة الطقس لا يشكل القوة القاهرة التي تسمح لربان الباخرة التمسك بعدم مسؤوليته عن الأضرار التي أصابت البضاعة المشحونة على ظهر الباخرة لأن هيجان البحر مما يمكن التغلب عليه والحيلولة دون وقوع الأضرار الحاصلة بسببه ".
وقد ذهب المجلس الأعلى في قرار صادرعنه بتاريخ 17 شتنبر 1990 إلى أن استحالة الدفع مسألة واقع يستقل بتقديرها قاضي الموضوع وحده ، وهو لا يخضع في ذلك لرقابة محكمة النقض إلامن جانب تعليل ذلك التقدير الموضوعي.
عدم صدور خطأ من جانب المسؤول : يجب ألا يكون هناك خطأ من جانب المسؤو أدى إلى وقوع الحادث ، إذ أن هذا الخطأ يفقد الحادث وصف القوة القاهرة أو الحادث الفجائي.
عليه ، إذا كانت القوة القاهرة أو الحادث الفجائي السبب الوحيد في وقوع الضرر ، فإن علاقة السببية بين الخطأ والضرر تكون مفقودة وبالتالي لاتتحقق المسؤولية. وهذا ما أوضحه الفصل 95 من ق.ل.ع حيث اشترط لعم ترتب المسؤولية التقصيرية أن يكون الضرر حصل بحادث فجائي أو قوة قاهرة لم يسبقها أو يصطحبها فعل يؤاخذ عليه المدعى عليه.
أما إذا اشتركت القوة القاهرة أو الحادث الفجائي مع خطأ من المدعى عليه في إحداث الضرر ، كان المدعى عليه مسؤولا مسؤولية كاملة لأن خطأه هو الذي يعتبر السبب في وقوع الضرر.
الفقرة الثانية : آثار المسؤولية التقصيرية عن الفعل الشخصي
إذا توافرت شروط المسؤولية التقصيرية عن العمل الشخصي وهي الخطأ والضرر وعلاقة السببية ، ترتب على ذلك أن يلتزم المسؤول بتعويض المضرور عما أصابه من ضرر. وإذا لم يقم المسؤول بدفع هذا التعويض رضاء ، فيمكن للمضرور رفع دعوى المسؤولية المدنية وإجباره على دفع تعويض قضائي.
أولا : دعوى المسؤولية التقصيرية
يتعلق الأمر في دعوى المسؤولية بعدة أمور يرتبط أغلبها بقانون المسطرة المدنية. وهي : الإختصاص ، أطراف الدعوى ، الإثبات ، والتقادم.
الإختصاص
نميز في هذا الشأن بين الإختصاص النوعي والإختصاص المكاني.
الإختصاص النوعي : تختص بالنظر في دعاوى المسؤولية المدنية المحاكم الإبتدائية باعتبارها صاحبة الولاية العامة ، بحيث يكون الحكم ابتدائيا ، مع حفظ حق الاستئناف بالمحاكم الإبتدائية إلى غاية عشرين ألف درهم. وابتدائيا مع حفظ حق الاستئناف أمام المحاكم الاستئنافية في جميع الطلبات التي تفوق هذا النصاب أو يكون موضوعها تعويضا غير محدد القيمة ( الفصلان 19 و 12 من ق.م.م ).
الإختصاص المكاني : يثبت الإختصاص المحلي في دعاوى التعويض للمحكمة الإبتدائية للمحل الذي حصل فيه الفعل المسبب للضرر ، أو للمحكمة الإبتدائية لموطن المدعى عليه ، وذلك بحسب اختيار المدعي ( الفصل 28 من ق.م.م ).
أطراف الدعوى
هناك طرفان أساسيان في دعوى المسؤولية هما : الطرف المدعي والطرف المدعى عليه.
المدعي في دعوى المسؤولية هو الشخص الذي أصابه الضرر. والأصل أن ترفع الدعوى من طرف المتضرر إذا كان متوفرا على أهلية التقاضي ، وإلا فإن هذه الدعوى ترفع من قبل نائبه الشرعي ، من ولي أو وصي أو مقدم بحسب الحالات.
وفي حالة وفاة المضرور ينتقل حقه في التعويض إلى ورثته. وهذه القاعدة مسلم بها عندما يكون المضرور قد رفع الدعوى قبل وفاته ، إذ عندها تدخل تلك الدعوى ضمن موجودات التركة فتشكل عنصرا من عناصرها وتنتقل إلى الورثة مع هذه الموجودات.
أما المدعى عليه في دعوى المسؤولية التقصيرية فهو الشخص المسؤول عن الضرر اللاحق بالمضرور. وإذا توفي هذا الشخص المسؤول فالإلتزام بالتعويض ينتقل إلى تركته. وهذا ما نص عليه الفصل 105 من ق.ل.ع بقوله " في الجرم وشبه الجرم تكون التركة ملزمة بنفس التزامات الموروث ".
ثانيا : الإثبات
الأصل في الذمة البراءة ، من ثم يتعين على طالب التعويض في المسؤولية عن العمل الشخصي أن يقيم البينة على تحقق الأركان الثلاثة لهذه المسؤولية وهي : ارتكاب خطأ من قبل المدعى عليه ، نشوء ضرر عن هذا الخطأ للمدعي ، وقيام علاقة سببية بين الخطأ والضرر.
ويمكن الإستدلال على كل ذلك بجميع طرق الإثبات ، بما فيها الشهادة والقرائن.
كما يعتبر من الأمور الواقعية التي تخضع للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع حصول الوقائع المكونة لتلك الأركان الثلاثة المذكورة.
أما ما سوى ذلك فيندرج ضمن تطبيق القانون ، بحيث يخضع فيه قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض. والمثال على ذلك تكييف الوقائع بكونها خطأ ، اشتراط الإدراك لقيام الخطأ ، وحدود مسؤولية عديم التمييز ، وتكييف الوقائع بما يجعلها تندرج ضمن حالات الخطأ المبرر ( مثلا حالة الدفاع الشرعي ) ، أو بكونها ضرر محقق أو ضرر محتمل وقس على ذلك.
ثالثا : تقادم دعوى المسؤولية
ينص الفصل 106 من ق.ل.ع على أن " دعوى التعويض من جراء جرم أو شبه جرم تتقادم بمضي خمس سنوات تبتدئ من الوقت الذي بلغ فيه إلى علم الفريق المتضرر الضرر ومن هو المسؤول عنه. وتتقادم في جميع الأحوال بمضي عشرين سنة تبتدئ من وقت حدوث الضرر ".
ويجب الإنتباه إلى أنه لابد ، حتى تتقادم الدعوى بخمس سنوات بحق المتضرر من عمل غير مشروع ، من أن يعلم بوقوع الضرر من جهة وبالشخص المسؤول عنه من جهة ثانية ، بحيث لا تبدأ مدة هذا التقادم إلا من الوقت اذي يتوفر فيه على العلم بهذين الأمرين معا على ما أيده المجلس الأعلى ي قرار صادر عنه بتاريخ 28 ماي 1963.
رابعا : التعويض
إذا وقع عمل غير مشروع ، كان للمضرور حق في التعويض عما ألحقه به هذا العمل من ضرر.
وقد أيد المشرع المغربي حق المضرور في التعويض في الفصلين 77 و 78 ، وقرر في الفصول 98 و 99 و 100 بعض الأحكام واجبة التطبيق في حقل التعويض.
وتتلخص هذه الأحكام بالقواعد التالية :
القاعدة الأولى : يجب أن يكون التعويض عن الضرر تعويضا كاملا بحيث يشمل الخسارة التي لحقت المدعي والمصروفات الضرورية التي اضطر أو سيضطر لإنفاقها لإصلاح نتائج الفعل الذي ارتكب إضرارا به ، وكذلك الكسب الذي فاته ( الفقرة الأولى من الفصل 98).
القاعدة الثانية : يجب على المحكمة ، عند تقديرها الأضرار ، أن تدخل في اعتبارها جسامة الخطأ الصادرعن المسؤول ، وتراعي ما إذا كان الضرر الذي أصاب المضرور قد نجم نتيجة خطأ عادي أو نتيجة تدليس من المسؤول ( الفقرة الثانية من الفصل 98 ).
القاعدة الثالثة : إذا وقع الضرر من أشخاص متعددين يعملون متوافقين ، كان كل منهم مسؤولا بالتضامن عن النتائج لا فرق بين من كان منهم محرضا أو شريكا أو فاعلا أصليا ( الفصل 99 ).
القاعدة الرابعة : ويسري الحكم نفسه من حيث المسؤولية التضامنية إذا تعدد المسؤولون عن الضرر ، وتعذر تحديد فاعله الأصلي من بينهم أو تعذر تحديد النسبة التي أسهموا بها في الضرر ( الفصل 100 ).
وتجدر الإشارة إلى أن لقضاة الموضوع سلطة تقديرية مطلقة في تعيين مبلغ التعويض الواجب منحه للمضرور ، دون أن يكونوا ملزمين ببيان الأسس المعتمدة لإجراء هذا التقدير.
تعليقات
إرسال تعليق